الأربعاء، 8 أغسطس 2012

التطور المذهل للأنترنيت في الجزائر


بالرغم من أن الجزائر كانت من البلدان السباقة لإدخال الانترنيت عن طريق مركز البحث للمعلومات العلمية والتقنية ''سيريست'' وهذا سنة 1993 إلا أنه ومع مرور سنوات طويلة تطورت كل البلدان إلا الجزائر التي لازالت بعيدة عما يقدم
في البلدان الأخرى بسياسة مبنية على تخفيض الأسعار دون أدنى أثر على الخدمات ولا سرعة الأنترنت.
 الجزائر التي أدخلت الأنترنت في 1993 تركتها في يد مؤسسة واحدة هي اتصالات الجزائر العمومية وغابت المنافسة ما لم يسمح بتطوير الخدمات وحتى المؤسسات التي حاولت دخول السوق الوطنية، على غرار مؤسسة ''لكم'' دفعت إلى الخروج، لأن اتصالات الجزائر تتحكم في كل شيء، في حين يعتبر المختصون أن الهياكل القاعدية لابد أن تكون بيد السلطة والحكومة وليس بيد مؤسسة، سواء كانت عمومية أو خاصة، لأن هذا يقضي على المنافسة، وهو ما حدث مع الشركة المصرية التي لم تصمد كثيرا أمام اتصالات الجزائر.
وما زاد الطين بلة قرار الحكومة تخفيض أسعار الأنترنت بـ 50 بالمائة، مما أدى إلى توقف العديد من مزودي الانترنيت عن العمل وبقاء اتصالات الجزائر تسيطر لوحدها على سوق مستقبلية بذهنية السبعينات، وبالرغم من انتقادات العديد من المؤسسات لقرار الحكومة، إلا أن هذه الأخيرة تشبثت بموقفها واعدة الناس بتحسين الخدمات ودمقرطة الانترنت، لكنها خلقت دكتاتورية الانترنيت بتدهور الخدمات، ليبقى برنامج الحكومة للتحسين مجرد كلام،  حيث كان جدير بالحكومة فتح المجال أمام المنافسة مثلما فعلت البلدان المجاورة والتي سبقتنا بسنوات طويلة في مجال الانترنيت والخدمات بفضل انفتاحها على المؤسسات العالمية.
وهذه الوضعية هي التي جعلت الجزائر تبقى جد متأخرة في الخدمات، حيث يشير آخر تقرير صادر عن مكتب ''نات أنديكس'' الأمريكي، إلى أن الجزائر احتلت المرتبة 176 في مجال سرعة الانترنت، حيث وراء بلدان تبدو في الواقع أكثر فقرا منا، وهذا بناءا على متابعة يومية لكل شبكات الانترنت عبر العالم، وقد تمت متابعة السوق الجزائرية بين  4 جويلية و5 أوت 2012، حيث أن سرعة الانترنت في الجزائر لم تتجاوز69, 0 ميغابايت في الثانية.


















عروض محدودة ومكتظة
وتقود اتصالات الجزائر التي تحتكر سوق الانترنيت في الجزائر عدة عروض للانترنيت على الورق، لكن في الحقيقة يبقى أن العروض التي تقدمها المؤسسة العمومية لا تستجيب لحاجيات المواطن. بالإضافة إلى هذا، فإن العروض التي تسوّقها تصل إلى التشبع في ظرف قصير بسبب غياب استثمارات جدية من طرف المؤسسة من أجل الرفع من قدراتها. هذا ما أدى بالكثير من المواطنين للبحث عن حلول أخرى للولوج إلى شبكة الانترنيت خاصة مفاتيح الأنترنيت التي تقدمها مؤسسات الهاتف النقال والتي سرعان ما أظهرت نقائصها، إلا أنها تبقى بالرغم من ذلك من بين الحلول المقترحة والتي تشد المواطن الذي يبحث عن بديل. وهذا يظهر جليا في التوافد الكبير للمواطنين على المفتاح الذي سوّقته الوطنية للاتصالات ''نجمة'' خلال شهر رمضان الجاري والذي بدوره لابد أن يكون مرفوقا من طرف المؤسسة بعدة تدابير حتى يبقى يتجاوب مع حاجيات المواطن ولا يحدث فيه اكتظاظ وتشبع، حيث أن الكمية الكبيرة من المفاتيح التي سوّقتها المؤسسة خلال الشهر مع العرض الترويجي ستؤدي إن لم يتم تدعيم الشبكة إلى الاكتظاظ وتدهور الخدمة.
أسعار الأنترنت في الجزائر الأغلى بين بلدان المغرب
وبالنظر إلى الأسعار، فإنه وبالرغم من التخفيضات التي أقرتها الحكومة والتي طبقها كل المتعاملين الذين بقوا أحياء إلى غاية الآن، إلا أن الزبون الجزائري يبقى يدفع أغلى سعر مقارنة بما يدفعه نظيره في تونس والمغرب    من أجل خدمة أقل، حيث تعرض شركة ''اتصالات الجزائر اشتراك انترنت بسرعة واحد ميغا في الثانية بـ 2019 دينار جزائري للشهر، في حين تعرض شركة  ''اتصالات المغرب'' اشتراكا بسرعة 4 ميغا في الثانية بـ 99 درهم مغربي للشهر الواحد  أي ما يقارب 900 دينار جزائري فقط، في حين سعر اشتراك 4 ميغا في الثانية في الجزائر محدد بـ 5700 دينار جزائري أي 6 أضعاف السعر المطروح في المغرب.
ويصل أكبر عرض من حيث سرعة الانترنت بالمغرب الى 20 ميغا في الثانية باشتراك شهري بـ 499 درهم أي ما يعادل 4500 دينار جزائري، في حين يصل أكبر عرض في الجزائر الى سرعة 8 ميغا في الثانية فقط باشتراك شهري بـ 10600 دينار في عرض ''أنيس بلوس هاوم'' وهو سعر مرتفع جدا مقارنة بمثيله في المغرب البلد الذي حقق تقدما في خدمة الانترنت من  الجيل الثالث. ويطرح اشتراكات  بأسعار منخفضة في وقت تبقى هذه الخدمة في الجزائر مجرد مشروع. أما في تونس تعرض ''اتصالات تونس'' اشتراكا شهريا بسرعة الإنترنت واحد ميغا في الثانية، 15 دينارا تونسيا للشهر، أي ما يقارب 750 دينار جزائري. في حين يصل أكبر عرض الى 20 ميغا في الثانية بـ 50 دينار تونسي، أي ما يعادل 2500 دينار جزائري.   

تشبع الشبكة وبرمجة استثمارية غير مناسبة
سكان أحياء بقلب العاصمة محرومون من الأنترنت
 اشتكى سكان بعض الأحياء في مختلف ولايات الجزائر ، من انقطاعات متكررة للانترنت وثقلها، في حين أن آخرين لم يسعفهم الحظ في إدخال هذه الوسيلة إلى منازلهم بحجة تشبع تعاني منه هذه الخدمة في بعض الأحياء أو لعجز عن تجهيز أحياء أخرى.
في جولة قادت ''الخبر'' إلى عدد من أحياء العاصمة، يتجلى أن إيصال خدمة الانترنيت متفاوتة بين حي وآخر. وقد أشار مواطنون ببرج البحري أنهم قدموا طلبات لإدخال الهاتف والانترنيت غير أنهم لا يجدون الرد الشافي بحجج مختلفة وتبادل التهم مع البلدية. وأشار ساكن ببرج البحري أنه أودع طلبا للحصول على الهاتف الثابت والاستفادة من خدمات الانترنيت منذ سنة 2006 ولم ينل مراده.
وهذا بالرغم من أن برج البحري من البلديات التي تم اختيارها لتسويق تكنولوجيا ''أم سان'' وهي آخر ما تم التوصل إليه في مجال تكنولوجيات الهاتف الثابت، حيث تسمح بتمرير الهاتف وخدمة الانترنيت والتلفزيون، ولكنها بقدرة قادر، كما أكد أحد السكان، تحولت إلى تكنولوجيا بدائية في أيدي مسؤولي اتصالات الجزائر بالبلدية الذين لم يقوموا بربط العديد من الأحياء الجديدة رغم الطلبات المتكررة. وكشف مسؤول بوكالة اتصالات الجزائر ببابا أحسن، أن الطلبات تتهاطل يوميا لكنها لم تجد من يجسّدها، وهو ما أكده عدد من سكان البلدية، حيث أفاد أحدهم أن طلبه دام أكثر من سنتين، في حين أن مواطنا آخر من بلدية العاشور كشف عن انتظار دام سنة ونصف من أجل الحصول على هاتف وبعدها قضى نفس المدة وهو ينتظر المصالح التقنية لتصليح خلل أدى إلى انقطاع الهاتف أسبوع فقط بعد تركيبه، ما جعله يدخل مرات عديدة في مناوشات مع عمال ومسؤولي وكالة اتصالات الجزائر ببابا أحسن.
كما أشار عدد من مواطني برج الكيفان، أن طلباتهم الجديدة للحصول على الانترنيت تبقى بعيدة المنال، فالمسألة بالنسبة لمسيري وكالة برج الكيفان، حسبما قاله المتحدث، تعود إلى تشبع في شبكة الانترنيت بالبلدية، حيث يجد المواطن الذي تحصل بشق الأنفس على هاتف ثابت نفسه في مواجهة تشبع في الانترنيت ولا يمكن أن يمنح اشتراكا على شبكة الانترنيت في الوقت الحالي. وقد اشتكى سكان البلدية ذاتها إضافة إلى هذا من ثقل الانترنيت وأن التدفق المتفق عليه في العقد التجاري غير محترم. فتدفق واحد ''ميغا بايت'' لا يحصل عليه المشترك طيلة السنة. وأشار أحد السكان إلى أنه على ما يبدو، فإن اتصالات الجزائر تقوم بتوزيع 1 ميغابايت على عدد من المشتركين بالرغم من أنها في الواقع موجهة لمشترك واحد.
وفي المقابل، أبدى سكان أحياء حسين داي وباينام وعين البنيان رضاهم عن الخدمة المقدمة لهم. وشدد مواطن بباينام أن الانقطاعات المتكررة للانترنيت قد تم حلها نهائيا منذ 3 أشهر بعد استبدال الكوابل القديمة بالجديدة. كما أن مواطنين بحيي الخروبة و''لاريزيدانس'' في بلدية حسين داي، أكدا أن خدمة الانترنيت المقدمة لهما لم تنقطع منذ أكثر من سنتين حتى إن ثقلت في بعض الأحيان.

المكلف بالإعلام عبد الحكيم مزياني يصرح
''اتصالات الجزائر ترفض الاستثمار في مشاريع غير مجدية''
 شدد المكلف بالإعلام لاتصالات الجزائر، عبد الحكيم مزياني، أن المؤسسة الاقتصادية بالدرجة الأولى، هدفها تحقيق الأرباح على اعتبار أنها تستثمر برأسمالها الخاص، وأن أي توسّع لها يأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات، فلن تقدم على تجهيز أحياء وعرض خدمات إذا كانت هذه العمليات غير مربحة، خصوصا وأن كتلة أجور عمالها تمثل 34 بالمائة من رقم أعمالها.
وقال مزياني في اتصال هاتفي إن طابع الشركة يلزمها ببرمجة المشاريع وفق ما تتطلبه الربحية المحققة. فهناك أحياء لا يمكن للشركة أن تلتزم بتجهيزها بالهواتف الثابتة والانترنيت من باب أنها ستجرّ المؤسسة إلى الخسارة، وهو ما جعل سكان بعض الأحيان محرومون من الخدمة ذاتها. كما أشار المسؤول إلى أنه من الطبيعي جدا أن يتم الإعلان في بعض وكالات الشركة عن تشبع للشبكة ما دام الطلب وصل الحد الأقصى ولا يمكن أن يتم عرض المزيد دون التأثير السلبي على خدمة الانترنيت.
فإذا كانت القدرات المتوفرة تتمثل في تقديم الخدمة لألف زبون فلا يمكن منحها لـ1500 مشترك. وذهب المتحدث إلى الكشف أن عدم بلوغ مستوى التدفق إلى المتفق عليه يرجع إلى اشتراك أكبر من العرض. وذكر المكلف بالإعلام للمؤسسة أن هذه الأخيرة في هذه الظروف تحتاج إلى تسيير عقلاني، فتوازنها المالي مهدد في ظل ارتفاع كتلة الأجور هذه السنة إلى مستوى 34 بالمائة من رقم أعمالها أمر يتجاوز مرتين المعدل العالمي المستقر في حدود لا تفوق17 بالمائة.
واعترف المسؤول أن الزيادة في أجور عمال الشركة في مارس الماضي لم يرافقها تحسن في المردودية وفي الخدمة المقدمة للمواطنين وبالتالي الزيادة في رقم أعمال المؤسسة. فكثير من الشكاوى مردها سوء تصرف عمال الشركة، حسب تأكيد المسؤول الذي تحدّث عن المردودية المحققة في المغرب التي لا يمكن مقارنتها بالجزائر. فهذه الدولة المجاورة تطبّق فيها أسعار أدنى، لأن الشركة العاملة فيها تحقّق رقم أعمال كبير مقابل كتلة أجور لا تتعدى المعدل العالمي، فمع تقليصها للأسعار لن يتأثر توازنها.
ومن جانب آخر، أكد المتحدث أن عوامل أخرى مؤثرة على تقديم الخدمة في المستوى المرغوب، من بينها عمليات سرقة الكوابل مقابل صعوبات في ثقل الإجراءات الإدارية وتطبيق قانون الصفقات العمومية لإعادة الترميم أو تطوير الشبكة.

ثقل الأنترنت يلهم الجزائريين على شبكات التواصل الاجتماعي
لم يجد الشباب من طريقة أحسن لانتقاد مؤسسة اتصالات الجزائر، بسبب ضعف سرعة الأنترنت، سوى وضع صور تتهكم على المتعامل التاريخي، والتي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فايسبوك، حيث يعمل كل شاب على إضافة لمسته التهكمية حول المؤسسة العمومية.