الجمعة، 12 أكتوبر 2012

النظام السياسي لماليزيا

تتميز العديد من دول العالم اليوم بتركيبة متعددة الاثنيات والتي قد تكون لها أصول تاريخية سواء في جوانبها المعلنة أو الخفية ،ويصدق ذلك على مجتمعات كثيرة في آسيا وإفريقيا بسبب السياسات التي انتهجها المستعمر على أراضى وشعوب المنطقة خلال القرون الثلاثة الماضية حيث بدل فيها بما يخدم أغراضه ومصالحه. ومع تسارع العولمة وعمليات التغير السريع التي يشهدها النظام الدولي،فان التنوع الاثني وما ينطوي عليه من تعقيدات يطرح تحديات جدية أمام عدد متزايد من البلدان لعل في مقدمتها تصاعد التوترات الاثنية في كثير منها مما أدى ببعضها إلى التفكك السياسي والاقتصادي خلال العقود القليلة الماضية (الصومال) كما أن بعض هذه الدول شهدت محاولات "إبادة" مثل المذابح التي قامت بها الأغلبية في رواندا من قبائل "الهوتو" ضد الأقلية المتمثلة بقبائل" التوتسي" عام 1994 مما أسفر عن وقوع 800.000 ضحية بشرية وهرب أكثر من مليوني لاجيء من رواندا إلى دول مجاورة مثل" بور ندي" "والكونغو"،والبعض الآخر تحولت فيه الدولة إلى مجموعة ميليشيات تحارب الواحدة الأخرى(السودان) . - ماليزيا كإحدى هذه الدول التي تعرف تنوعا اثنيا بفعل ما تعرضت له تركيبتها السكانية من تبديل على يد كل من الاحتلال البرتغالي فالهولندي ثم الإنجليزي، وبالرغم من أن هذا التنوع والتعدد قد انطوى في بعض جوانبه على عوامل التفتت والانقسام وشكل عقبة في مرحلة من مراحل بناء الأمة (أحداث 1945و1969) ،إلا أن التجربة الماليزية بما حققته استطاعت أن تشكل" الثورة" على واحدة من مسلمات علم السياسة_ الانسجام المجتمعي كشرط لاستقرار النظام السياسي_ كما استطاعت أن تثبت لكثير من الدول ( خاصة وأننا نعيش عصر تفجر القوميات)انه يمكن الاستفادة إلى أقصى حد من التنوع في إطار الوحدة . إذن من خلال ما سبق ومحاولة للكشف عن" بعض" من أسرار النموذج الماليزي حاولنا صياغة الإشكالية التالية= الإشكالية : كيف استطاع النظام السياسي الماليزي أن يكسب مشروع بناء الدولة في ظل تحديات مجتمعية ؟ الفرضيات: 01 - إن إرساء دعائم مؤسساتية مرنة تستجيب لمتطلبات النسق الاجتماعي كفيل بتحقيق استقرار النظام. 02 - كلما كانت هناك فاعلية في سيطرة المجتمع على موارده وإمكاناته من خلال سياسات تنموية واعية كلما كان ذلك من شانه أن يوجد حلولا للصراعات الاجتماعية والسياسية. للإجابة على الإشكالية المطروحة أعلاه ومحاولة لتغطية الفرضيات في مستوى التحليل اتبعنا الخطة التالية: مقدمة:

الفصل الأول:الإطار المؤسساتي للنظام السياسي في ماليزيا .

المبحث الأول:ماليزيا الدولة.

المبحث الثاني: المؤسسات المكونة للنظام السياسي في ماليزيا .

المبحث الثالث:مظاهر الديمقراطية في ماليزيا.

الفصل الثاني:عوامل نجاح التجربة الماليزية.

المبحث الأول :العامل الاقتصادي .

المبحث الثاني:العوامل الاجتماعية_الثقافية.

الخاتمة.

المبحث الاول: ماليزيا الدولة تعود الأسس الاولى لقيام النظام السياسي الماليزي إلى عام 1877م عندما تم توقيع اتفاقية بانكور بين بريطانيا وسلطان بيراك، فبموجب هذه الاتفاقية التزم السلطان بقبول النفوذ البريطاني كما تم وضع مجلس استشاري في الولاية ليكون بمثابة جمعية تشريعية، وتم تأسيس مجالس مشابهة في الولايات الأخرى الخاضعة للحماية البريطانية، واتسعت وظيفة المجلس بمرور الوقت لتشمل كلا من الوظائف التشريعية والتنفيذية. استمر هذا الأمر حتى عام 1948م عندما تم تشكيل اتحاد الملايو بموجب اتفاقيتين عرفتا باسم (اتفاقية الولايات) واتفاقية ( اتحاد الملايو)، وكان لاتفاقية الولاية أهمية كبيرة في التنمية الدستورية في ماليزيا، فبموجبها قام الحكام الملايويون بإعلان دساتيرهم الخاصة بناء على نصيحة وموافقة رؤساء وشيوخ الولايات، وتم تمييز السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية في تلك الولايات عن طريق تأسيس هيئة تشريعية تدعى ( مجلس الولاية ) فضلا عن المجلس التنفيذي في الولاية، أما اتفاقية ( اتحاد الملايو ) والتي تم وضعها كأساس للنظام الفدرالي في ماليزيا فقد حدثت نتيجة تسوية للعديد من القضايا الخاصة باتحاد الملايو، وتكونت الحكومة الفدرالية من المندوب البريطاني والمجلس التنفيذي والمجلس التشريعي، وقامت الاتفاقية بتأسيس مجلس الحكام مع رئيس منتخب، ولكل ولاية مجلس تنفيذي خاص بها فضلا عن مجلس الولاية للتعامل مع الشؤون التي لا ترتبط بشكل مباشر بالاتحاد. في عام 1956م تم تشكيل لجنة عرفت باسم لجنة ريد ( تألفت من خبراء دستوريين من استراليا والهند وباكستان وبرئاسة الورد ريد من المملكة المتحدة ) من اجل صياغة الدستور الماليزي، واحتوى التقرير على مبادئ أساسية يمكن إجمالها فيما يأتي: 01 – تأسيس حكومة مركزية قوية مع وجود ولايات تتمتع باستقلال ذاتي. 02 – حماية وضع وكرامة الحكام. 03 – اختيار ملك دستوري للاتحاد من بين حكام الولايات. 04 – قومية عامة لكل الاتحاد. 05 – حماية وضع الملاويين والمصالح الشرعية للمجتمعات الأخرى. وتم نشر تقرير اللجنة عام 1957م، وتشكلت لجنة عمل من قبل الحكومة البريطانية ومجلس الحكام والنواب السياسيين الماليزيين لفحص هذا التقرير ودراسته وبعد مناقشة مفصلة (لعبت فيها الأحزاب السياسية الرئيسية الثلاثة وهي التنظيم القومي للملايويين المتحدين (UMNO) و التجمع الماليزي الصيني (MCA) والمؤتمر الماليزي الهندي (MIC) دورا بارزا ) تمت الموافقة على مقترحات (ريد) من قبل المجلس التشريعي الفيدرالي، ووضع الدستور الجديد للبلاد في 30 أوت عام 1957 المبحث الثاني:المؤسسات المكونة للنظام السياسي الماليزي كما سبق ذكره فإن النظام السياسي الماليزي و بالأخص دستوره يقر بوجود ثلاثة مؤسسات رسمية حيث تطرق إلى هذه الهيئات في جزء الرابع و هي السلطة التنفيذية و التشريعية و القضائية . أ‌- السلطة التنفيذية: حددها الدستور في مواده 39-43 و تتكون من الملك و مؤتمر الحكام و مجلس الوزراء.(1) الملك: و هو السلطة العليا في الدولة ينتخب من قبل مؤتمر الحكام لمدة 5 سنوات و يعد الرئيس الأعلى للإتحاد و يشترط أن يكون من أحد الحكام التسعة الوارثين (حكام الولايات ) و يتم انتخابه عبر اقتراع سري و نفس الحال بالنسبة لنائب الملك الذي لا يمارس أية سلطات في حالة وجود الملك و لكنه يكون على استعداد دائم الشغل منصب الملك و ممارسة سلطاته في حالة غياب الملك أو وفاة الملك أو استقالته حتى يتسنى لمؤتمر الحكام انتخاب خليفة له ،قرارات الملك تعتمد على نصيحة رئيس الوزراء و هو مسئول على المهام التالية: (1) أ‌- تعيين رئيس الوزراء ب‌- تعيين القضاة في المحكمة الفيدرالية و المحكمة العليا بناءا على اقتراح رئيس الوزراء. ج- رئاسة القوات المسلحة. د- تعيين حكام الوزراء استنادا على اقتراح رئيس الوزراء. ه- تعيين حكام الولايات و القضاة و السفراء. وقد أكدت المادة 39 من الدستور أن السلطة التنفيذية مقررة من الملك و أن كل قانون يحدد من الحكومة الفيدرالية ينطلق من الملكية و أن تقرير سلطة الوزير من قبل البرلمان يصبح فاعلا عندما يتم الحصول على الموافقة الملكية و يتم تسجيلها في لائحة يتم العمل بها . مجلس الوزراء : يتم تعيينه من قبل الملك من أجل تقديم النصح له ، يتألف من رئيس الوزراء و عدد غير محدد من الوزراء الذين يتم اختيارهم من البرلمان ، ومن الشروط الأساسية لرئاسة الوزراء أن يكون مواطن مولودا في ماليزيا و عضوا في مجلس النواب و حائزا على ثقة الأغلبية في مجلس الوزراء و يقع على عاتقه رئيس الوزراء مسؤولية إبقاء الملك على اتصال بالإدارة العامة للدولة ، ويقوم بتقديم المقترحات للملك بخصوص تعيين الوزراء ، و يعقد المجلس اجتماعا أسبوعيا برئاسة رئيس الوزراء لصياغة و تحديد سياسة الحكومة. - ترتكز الوظيفة الأساسية لرئيس الوزراء في رئاسة مجلس الوزراء إضافة إلى تنسيق السياسة الخاصة بالحكومة، كما توجد وظائف دستورية ووضعية معينة لرئيس الوزراء، حيث يقوم بتقديم النصح إلى الملك حول تعيين القضاة و لجان الخدمات و الانتخابات.(1) - أما منصب نائب رئيس الوزراء فهو منصب تقليدي أي لم يتم إنشاؤه بموجب الدستور أو أي قانون مكتوب و يتمتع نائب رئيس الوزراء بثقة كبيرة داخل مجلس الوزراء و الحزب الحاكم و له القدرة على تولي الإدارة في حالة غياب أو عدم مقدرة رئيس الوزراء على أداء وظائفه.(2) - في حالة فقدان رئيس الوزراء للثقة وجب عليه تقديم استقالته و استقالة المجلس كله للملك و بين فترة حل البرلمان القديم و انتخاب برلمان جديد يستمر مجلس الوزراء السابق في أداء وظيفته. 3 - مؤتمر الحكام: يتشكل من سلاطين و حكام الولايات وظيفته الأساسية تتمثل في انتخاب الملك (بانغ دي بوتوان أغونغ) و مندوبه (تيمبالان يانغ دي برتوان 1- أغونغ) و كذلك من استشارة المؤتمر في تعيين كل من : القضاة و لجنة الانتخابات و لجان الخدمات و المحاسب العام ، كما لا بد من استشارته في حالة تغيير حدود الولايات و في حالة توسيع الفيدرالية و في حالة اقتراح مشروع قانون تعديل الدستور و أخيرا في حالة النشاطات الإسلامية الدينية ،بالاظافة إلى ذلك فان استشارة مؤتمر الحكام تصير إلزامية وإجبارية في الأمور المتعلقة بالسياسات العامة أو بضروف المالاويين الخاصة في ولايتي "صباح"و"سرواك" وأخيرا فان مؤتمر الحكام لاينظر في الشؤون المتعلقة بحقوق وامتيازات حكام الولايات أنفسهم.(1 ب- السلطة التشريعية يحدد الدستور في مواده ( الرابعة والأربعين، الثامنة والستين ) السلطة التشريعية، وترتكز السلطة التشريعية في البرلمان الذي يتكون من مجلسين هما: مجلس النواب : ويدعى Dewan Rakyat (أو مجلس الشعب) ويتألف من (198)مئة وثمانية وتسعين عضوا فضلا عن تسعة (09) أعضاء من الأقاليم الفدرالية (كوالالمبور 7 أعضاء، لايوان عضو واحد، بوتر اجابا عضو واحد ) وتبلغ مدة عمل مجلس النواب (خمسة أعوام) وبعد انقضاء تلك المدة يقوم الملك بحل البرلمان (استنادا إلى اقتراح رئيس الوزراء) ويتم إقامة انتخابات جديدة، ويطلق على الشخص الذي يترأس مجلس النواب تسمية (رئيس المجلس) ويتم انتخابه من قبل أعضاء المجلس، ويتم اختيار نائبي رئيس المجلس بنفس الطريقة ويتولون منصب رئاسة المجلس في حالة غياب رئيس المجلس، وفي حالة غياب رئيس المجلس ونائبيه يقوم المجلس بتعيين احد أعضائه ويتم الإشراف على الآلية الدائمة للمجلس من قبل كاتب المجلس الذي يتم تعيينه من قبل الملك ويقوم بأداء وظائفه ويمكن إقالته من منصبه بنفس الطريقة التي يتم بها إقالة القضاة. المجلس الأعلى مجلس الشيوخ Dewan Negara وهو اقرب لمجلس الشورى وعدد أعضائه 71 عضو يقوم الملك بتعيين 40 من أصحاب الرأي والمشورة وممثلي الجماعات المهنية والأقليات وتقوم المجالس التشريعية المحلية بترشيح عضوين عن كل ولاية من الولايات 13. وللبرلمان: القدرة على تعديل الدستور ولكن يجب أن يتم هذا التغيير بالتوافق مع نصوص الدستور، ويتم ممارسة سلطة البرلمان في صنع القوانين عن طريق إصدار لوائح تمر من قبل المجلسين ( النواب / الشيوخ ) وترتكز وظيفة مجلس النواب في تقديم جميع القوائم المالية، في حين ترتكز الوظيفة الرئيسية لمجلس الشيوخ في فحص النشاطات التشريعية لمجلس النواب مع تقديم وجهة نظر تتعلق بتحسين التشريع المقرر من قبل مجلس النواب. ج- السلطة القضائية : تتألف من المحكمة الفيدرالية و محكمة الاستئناف و المحكمة العليا. 1- المحكمة العليا: و هي أعلى سلطة قضائية و لها صلاحية تفسير نصوص الدستور و الفصل القضائي في النزاعات بين أي ولاية و الحكومة الفيدرالية أو بين الولايات كما أنها أعلى محكمة للاستئناف في الجنايات .(1) 2- يلي المحكمة العليا في المستوى محكمتان رفيعتان إحداهما تقع في شبه جزيرة الملايو ، و الأحرى في " صباح " و " سرواك ". 3- المحكمة الدورية تقع في المراكز الحرية و الريفية الرئيسية . 4- محاكم الجنح و لها سلطة قضائية في الأمور المدنية و الجنائية البسيطة . - و يعد القاضي التحقيق بمثابة السلطة القضائية و يتم تعيين رئيس محكمة الاستئناف و قاضي قضاة المحاكم العليا و قضاة المحكمة العليا و قضاة المحكمة الفيدرالية من قبل الملك بناء على اقتراح رئيس الوزراء بعد استشارة مؤتمر الحكام .(2) - لها القدرة على تحديد و مراقبة شرعية القوانين و سلطة في تفسير الدستور الفيدرالي و دساتير الولايات و تحديد صحة القوانين الصادرة من البرلمان. المبحث الثالث: مظاهر الديمقراطية في ماليزيا 1 -التعددية الحزبية وفقا لمعيار العدد المحض تعرف ماليزيا تعددية حزبية بشكل واسع ويمكن تناول تلك التعددية على مستويين أولهما مستوى الأحزاب الشريكة في الائتلاف الحاكم* ولا يقل عددها عن 14 حزبا، وثانيهما مستوى الأحزاب التي تقف في الجبهة المعارضة وهي الأخرى كبيرة العدد إذ تصل إلى أكثر من ثلاثين حزب . هذا ويرجع العدد الكبير "نسبيا" للأحزاب في ماليزيا إلى طبيعة الشكل الفدرالي للدولة حيث لكل ولاية أحزابها الخاصة بجانب الأحزاب الأخرى التي تمارس نشاطها على المستوى القومي، كما أن التعددية الحزبية في ماليزيا تعكس التركيبة العرقية القائمة في البلاد، لتجنب الصراع بين عناصر المجتمع الماليزي، وعلى هذا النحو فان الأحزاب في ماليزيا " لاتعبر عن أفكار سياسية " على نحو ما تؤكده الخبرة الغربية، بقدر ما تعبر عن الواقع الماليزي المركب . كذلك أن التعددية الحزبية في ماليزيا وان كانت تشغل موقعا محوريا في عملية الإصلاح غير أنها تصطنع بالطابع الأسيوي الذي كثيرا ما يشهد غلبة حزب قائد في ظل هذه التعددية الحزبية ، إذ يعد حزب الجبهة الوطنية التنظيم القومي القائد في البلاد (OMNO) ويمثل تحالف 14 حزبا تمثل مختلف العرقيات المتواجدة في البلاد. 2- لجنة الانتخابات : و قد تم تشكيلها وفق المادة 114 من الدستور و أعضاؤها معينون من قبل الملك ، و تتألف هذه اللجنة من الرئيس و نائبه و ثلاثة أعضاء آخرين ، و يتمتع هؤلاء الأشخاص بسمة النزاهة و الاستقامة و بدون أي انتماءات سياسية و ترتكز وظائف اللجنة فيما يلي (1): 1* إجراء تسجيل سنوي للناخبين و إعادة النظر في القوائم الانتخابية. 2* إدارة الانتخابات العامة لمجلس النواب و الجمعيات التشريعية في الولايات و الانتخابات التي تحصل نتيجة حدوث فراغ في أحد المناصب بشكل عرضي. 3* إعادة النظر في سجلات الناخبين على نطاق البرلمانات و الولايات في فترات فاصلة لا تقل عن (10) أعوام بين موعد إكمال الفحص الأول وموعد بدء المراجعة التالية. وتتضمن سياسة لجنة حماية ومراقبة وحفظ العملية الديمقراطية من اجل أداء واجباتها الانتخابية يتم تخويل اللجنة بطلب المساعدة من جميع الهيئات العامة.(2) 3 -التنافس السياسي يقودنا الحديث عن التنافس السياسي في ماليزيا إلى الحديث عن الانتخابات العامة حيث يعد قيام انتخابات دورية ضمن مدة زمنية معينة احد الأسس الضرورية والجوهرية لقيام الديمقراطية، وعلامة من علامات استقرار النظام السياسي وهذا هو واقع الحال في ماليزيا ، فمنذ عام 1957م تم إجراء انتخابات عامة للأعوام ( 1959 – 1964 – 1969 – 1974 – 1978 – 1982 – 1986 – 1990 – 1995 – 1999 – 2004 ). ويمكن إدراك التنافس السياسي في ماليزيا من خلال استقراء وتحليل نتائج الانتخابات العامة التي حصلت في ماليزيا منذ استقلالها عام 1957م وحتى الوقت الحاضر، وسنقتصر في تناولنا لتلك المسالة على العمليتين الانتخابيتين الأخيرتين 1999 – 2004 لأنه من غير الممكن تناول الانتخابات الماليزية بأكملها. تعد انتخابات 1999م عاشر الانتخابات التي تعرفها ماليزيا منذ الاستقلال ( فيما يخص المستوى الأول أي الانتخابات الفدرالية لأعضاء البرلمان الفدرالي ). حيث فازت بالانتخابات (جبهة الائتلاف الحاكم) بـ 148 مقعد من أصل 193 في حين انه فاز سنة 1995م بـ 162 مقعد من أصل 192 أي أن الفرق 14 مقعد. ويرجع هذا التراجع في الأساس إلى انخفاض عدد المقاعد البرلمانية التي حصل عليها حزب المنظمة القومية للمالاي المتحدين حيث تراجع من 94 مقعد إلى 74 مقعد. بالمقابل فقد ضاعف الحزب الإسلامي – احد ابرز أحزاب المعارضة – عدد مقاعده من 07 مقاعد في المجلس السابق ليبلغ 27 مقعدا في انتخابات 1999 أي نحو أربع مرات ما كان عليه . وفي كانت النتيجة التي حققها الحزب الإسلامي مثيرة للمخاوف من إمكانية سيطرة التيار الإسلامي أو العودة التدريجية له في ظل ظروف ومحيط إقليمي مشجع (الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي في أند ونسيا…) إذ أن هذا الحزب على المستوى الفدرالي لم يفز إلا بخمسة مقاعد في انتخابات 1978م وبنفس العدد في انتخابات 1982م سنة 1986م لم يحصل إلا على مقعد واحد، ثم بتحالفه مع حزب "روح 46" بلغ تمثيله 7 مقاعد، وهو التمثيل الذي حافظ عليه في انتخابات 1995م، وقد تأكدت هذه الطفرة في شعبية الحزب بنجاحه في الاحتفاظ بسيطرته على مجلس ولاية كيلانتاف بل وفوزه بالأغلبية في مجلس ولاية ثانية هي تيرنجانو. إلا أن انتخابات 2004 قد بددت كل تلك المخاوف إذ لم يتجاوز نصيب الحزب الإسلامي 07 مقاعد من إجمالي 219 مقعدا أي بنسبة 3.2%. في حين أن الجبهة الوطنية بلغ نصيبها 198 مقعدا من أصل 219 مقعدا كانت حصة OMNO منها 109 مقعدا أي بنسبة 49.8%. من خلال ما سبق نستنتج: 1. إن الانقسامات الطائفية في ماليزيا تبلغ من العمق ما يجعل إنشاء أي حزب لا يستند إلى قاعدة طائفية مستحيلا. غير أن هذه الانقسامات ليست من النوع الذي يحول دون أي تحالف بين الأحزاب الطائفية . ( هذا الأمر بمثابة القاعدة التي تحكم الحياة السياسية الماليزية). 2. إن إسناد التحالفات لا يتم على أسس طائفية وان عملية التصويت كذلك لا تتم على أسس دينية مما يعني أن المواطن الماليزي يعطي الأولوية لاعتبارات الأمن والاستقرار ومحاربة الفساد على الاعتبارات الدينية وذلك عند اختياره لممثليه وحكامه. المبحث الأول: العامل الاقتصادي. تعد ماليزية من الدول الأسيوية التي لها تجربة راقدة في عملية التصنيع فقد مثلت اليابان القدوة الصناعية التي اخذ عنها الماليزيون القيم و كيفية إعداد الخطط . كما أن ماليزيا طورت صناعاتها من تلك التي تعتمد على كثافة العمل إلى صناعات ترتكز على كثافة رأس المال و تحديد الصناعات التكنولوجية . مراحل الصناعة(1): - 1 : مرحلة صناعات إحلال الواردات : في مطلع الستينات تم تطبيق سياسة إحلال الواردات ، وعلى رأسها قامت صناعات صغيرة الحجم و أخرى متوسطة الإنتاج السلع التي تحل محل السلع المستوردة كصناعة الأغذية و مواد البناء و التبغ و الطباعة و البلاستيك و الكيمائيات ، و تم إصدار قانون تشجيع الاستثمار في 1998 الجذب الاستثمارات الأجنبية في تلك المجالات . -2 : مرحلة الصناعات التصديرية : بدأت في مطلع السبعينيات حيث شجعت الحكومة دخول الاستثمارات الأجنبية في مجال الالكترونيات و صناعة النسيج من خلال توفير العمالة الرخيصة و حوافز ضريبية مغرية و إصدار تراخيص منتجات أجنبية وإنشاء مناطق تجارة حرة ، و عملت الحكومة على استضافة الشركات المتعددة الجنسيات لتشغيلخطوط إنتاجية في ماليزيا و سمحت الشركات المتعددة الجنسية التي تنتج سلعا للتقدير بالملكية التامة دون اشتراط المساهمة المحلية. في هذه المرحلة حدث تحول جذري من سياسة إحلال الواردات إلى سياسة التصنيع الموجه إلى التقدير و الصناعات كثيفة العمالة كالصناعات الالكترونية و النسيج، كما كان هناك تركيز على الصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية الماليزية كزيت النخيل ، و الأخشاب و المطاط، و في 1971 صدر قانون منطقة التجارة الحرة بهدف إتاحة المزيد من الحوافز الخاصة بالصناعات الموجة نحو التقدير. 3: مرحلة التصنيع الثقيل والصناعات المعتمدة على الموارد الماليزية: بدأت هذه الفترة في مطلع الثمانينات حيث شجعت الحكومة على قيام الصناعات المعتمدة على الموارد الطبيعية ، ثم الصنيع الثقيل وتصنيع السيارة الماليزية الوطنية (بريتون )، ثم التوسع في الصناعات الاسمنت و الحديد و الصلب و التركيز على الصناعة الالكترونيات و النسيج التي صارت تساهم بثلثي القيمة المضافة للقطاع الصناعي و تستوجب 40./. من العمالة و يلاحظ في هذه الفترة تمتع الصناعات الوطنية بالحماية الحكومية و دخول الدولة في مشروعات كثيرة تغطي كافة النشاطات الاقتصادية الحيوية. - 4: فترة تشجيع الصناعات عالية التقنية و ذات القيمة المضافة بدأت هذه الفترة في التسعينات و شجعت الدولة فيها الصناعات ذات التقنية العالية و كثيفة، استخدام رأس المال و المتضمنة للمهارة القيمة المضافة العالية ، و ذلك من اجل زيادة تنافسية المنتجات الماليزية و توسع دائرة أسواقها المحلية. و الخلاصة أن الفترة 1980 – 2000 شهدت توسعا في استثمارات القطاع الصناعي حيث قام أكثر من 15 ألف مشروع صناعي بإجمالي رأس المال يصل 800 مليار رنجت ماليزية (1 = 3،8 رنجت) وشكلت فيها المشروعات الأجنبية حوالي 54./. بينما المشروعات المحلية 46./. و أدت هذه المشروعات إلى اتجاه مليوني وظيفة حيث واكبت هذه الفترة وصول مهاتير محمد إلى السلطة و الذي أكد على أن الإسلام لا يشكل في ذاته معوق للتنمية كونه يدعو إلى العلم و التعلم و مفهوم لا ينصرف إلى مجموعة العلوم الشرعية بل العلوم الدنيوية و منذ توليه منصب رئيس الوزراء و هو يطمح إلى مشروع ماليزيا 2020و ما أدى به إلى استخدام شتى وسائل التنمية. (1) * أسباب نجاح الاقتصاد : بدت عوامل النجاح التجربة الماليزية في مايلي : الاتجاه شرقا: أعلنت ماليزيا سياسة " النظر شرق" في 1981 و امتد العمل بها إلى 1991 و يتضمن عنوان السياسة إشارة ذات دلالة في الانتماء إلى أسراب الإوز الطائرة , وهدفت سياسة "النظر شرف" التي تشجع الماليزيين على الاقتداء والتعلم من هذه التجربة اليابانية, المواقف الايجابية, مثل: - أخلاقيات العمل والمنهجية الصناعية والتطور التقني والأداء الاقتصادي المميز. ولسياسة النظر شرقا جانبان مهمان(1): الأول هو:- الأخذ بالقيم الشرق الآسيوية مثل الانضباط في العمل والتطبيقات الإدارية المنضبطة مع التركيز عند العمل الجاد والإخلاص والعمل الجماعي وتشجيع الإنتاجية والاعتماد على الذات والصبر والمثابرة وإعلاء روح الأسرة الواحدة وهذا ما جعلها تتغلب على الأزمة 1997. والثاني: التحديث والتصنيع بحلول 2020 حيث وضع ذاك في تصور رؤية استشراف المستقبل 2020. ولم تكن عملية الأخذ بالتجربة اليابانية تقليدا محضا بل اختيار وانتقائها لما يناسب ماليزيا ووضع ذلك في إطاره الصحيح , خاصة إن ماليزيا بلد متعدد الأعراق والأديان . وشملت عملية الاستفادة من التجربة اليابانية جوانب نظرية وعملية وكان من نتائجها إقامة مؤسسات بين الدولتين من اجل فهم ودراسة التجربة اليابانية مثل تأسيس وحدة الدراسات اليابانية ضمن معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية الماليزية 1991. 2-التصنيع العنقودي: انتهجت ماليزيا في نموذجها التصنيعي ما يسمى بطريقة" التصنيع العنقودي" التي تقوم على أساس وجود علاقات ترابط في شكل عنقود تنظم حياته بين الوحدات الإنتاجية والنشاطات المتصلة بها والتي تمثلها ثلاثة عناصر هي :- الصناعات والموردون, خدمات الأعمال, وذلك في إطار منظومة من البنى التحتية و المؤسسات الاقتصادية التي تشمل تنمية الموارد البشرية والتقنية والخدمات الدائمة والتمويل والتامين ونظام الحوافز(1). 3- دور المؤسسات في التنمية الصناعية: هنالك الكثير من المؤسسات والهيئات ساهمت في إنجاح عملية التنمية الصناعية نذكر منها ما يلي(2): ا- الهيئة الماليزية للتنمية الصناعية:Malaysian industrial development authority mida وتعد المحطة الأولى للمستثمرين الذين ينوون إنشاء استثمارات صناعية وذات صلة بالقطاع الصناعي في ماليزيا , وتقوم الهيئة بتوفير كل المعلومات المهمة للقيام بالأعمال الاستثمارية هذا إلى جانب مسؤوليتها الأخرى أهمها: - استضافة ش. م. ج لفتح مراكز تشغيل وتوزيع في ماليزيا. - توفير الخدمات الأساسية وتيسير الوصول إلى العمالة المدربة والمؤهلة. - تقديم الحوافز و المنح والامتيازات الاستثمارية. -الهيئة الإنتاجية القومية: national productivity corporation وهي هيئة اتحادية تهتم بزيادة الإنتاجية الكلية في الاقتصاد الماليزي, أنشئت عام 1962 كمركز إنتاجية بالتعاون بين الحكومة الماليزية ومنظمة العمل الدولية و الصندوق الخاص للأمم المتحدة وتحول عام 1960 إلى مركز حكومي يهتم بالإنتاجية الكلية ويعمل على جودة الإنتاجية الماليزية. ج-هيئة تنمية التجارة الخارجية الماليزية: أسست عام 1993 وتعرف ب: ماتراد Matrad ومهمتها ترويج وتشجيع التجارة الخارجية الماليزية والقيام بتقديم معلومات للمصدرين والموردين الماليزيين وتطوير وتشجيع الصادرات الماليزية كما تقوم ببرامج تدريب مهارات المصدرين الماليزيين في مجال التسويق الدولي. د- هيئة التصنيع الثقيل الماليزية: بدأت الهيئة الاستثمار في مجال الحديد والصلب ومشروع السيارة الوطنية إضافة إلى إقامة مجمع الحديد والصلب العملاق. ومما نستخلصه إن نجاح التجربة الصناعية الماليزية مثل أساس لتطوير الاقتصاد الماليزي ونهضته جماعيا وإنعاشه على مستوى دخل الفرد. المبحث الثاني: العوامل الاجتماعية، الثقافية التنمية الشاملة وعدالة التوزيع مع اتساع مفهوم التنمية وتعدد إبعاده إذ أصبح منذ مطلع التسعينات مرادفا لمفهوم التحرر الإنساني الذي بات يعني بصفة أساسية: تحرير الفرد والمجتمع من الجهل والخوف والمرض والفقر ومن شتى صنوف التبعية أو كما يطلق عليه كين بوث الانعتاق من القيود التي تعيق الشعوب في تحقيق مسعاها للمضي قدما في اتجاه تجسيد خياراتها . ومحاولة منا للوقوف على بعض من أسرار النموذج الماليزي لتنمية (بمفهومها الواسع) نتطرق لبعض الجوانب غير الاقتصادية والمهمة جدا في عملية التنمية لعل في مقدمتها الجانب الاجتماعي والمرتبط بعدالة التوزيع (لان الحرمان الاقتصادي الناشئ عن عدم عدالة التوزيع يعد احد مصادر الصراع السياسي في أي مجتمع فكيف الحال في مجتمع ذو تركيبة خاصة) إذ تبين الأدلة أن الاختلافات الاثنية والثقافية والدينية إذا اجتمعت مع عدم المساواة الاقتصادية بين الجماعات تجعل من الصعب الشروع في عملية التنمية بشقيها الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي- الثقافي. الجدير بالذكر هنا أن الدولة الماليزية عندما عملت على إعادة توزيع الثروة بين المالاي وغيرهم من الأجناس لم تتخذ إجراءات عدوانية ضد الصينيين وإنما استغلت عوائد النمو الاقتصادي ذاته في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمالاي . وهو الأمر الذي ترجمه حرص القيادة الماليزية على عدم تهديد المصالح الاقتصادية للأقلية الهندية والصينية من خلال وضع سياسات عامة غير متطرفة ومثيرة للخلاف، وبالتالي قضائها على فرص اشتعال الصراع العرقي*. وهنا نستحضر مقولة لرئيس الوزراء السابق محاضر محمد انه " ليس ضد الهنود أو الصينيين في ماليزيا وإنما هو مع المالايا حتى يصلوا إلى مشاركة عادلة في ثروات البلاد ". ثقافة سياسية مُوَحِدة: التنشئة / التعليم بالعودة إلى نصوص الدستور الماليزي نجده قد راعى في جوانب عديد منه التوليفة الاجتماعية المتمايزة وكفل حق كل عنصر من عناصر المجتمع الماليزي في ممارسة شعائره وطقوسه بل واعتبر جميع الأعياد الدينية والتقليدية أعيادا وطنية رسمية يتم الاحتفال بها رسميا . إلا أن دولة ماليزيا قيادة ونخبة أدركت أن الصيغ القانونية وحدها لا تحقق التلاحم الوطني، قد عمت تلك الصيغ القانونية بأساس متين من المصالح المشتركة عن طريق التنمية الاقتصادية وكذا عن طريق جملة من السياسات التي تستهدف ( توزيعا معينا للقيم والمواقف والمشاعر والمعلومات والمهارات السياسية) - بتعبير غابريال ألموند – أو ما يسميه ابستن ( التوزيع التحكمي للقيم ) بشقيها المادي والمعنوي. من بين هذه السياسات: سياسة التعليم: يقع على المدرسة مهمة كبيرة وأساسية في غرس أفكار ومواقف وقيم للطلاب بشان الحياة السياسية والأداء الذي تقوم به عناصر النظام السياسي وتعميق الوعي بالمعاني الايجابية للمواطنة وتقوية روابط الانتماء السياسي، إلى المجتمع والأمة، وتغذي الاعتزاز بالتاريخ والاقتداء بالمثل التي نهج عليها قادة الأمة في تاريخها. والأكثر من هذا، إن المدرسة توضح المستقبل وتنبه إلى المسؤولية الملقاة على الجيل الجديد . الخاتمة: كانت هذه ماليزيا دولة عمرها نصف قرن استطاعت أن تحقق ما حققته على أساس المواطنة والانتماء الوطني والمشاركة في مردود التنمية التي صنعوها بأيديهم ونظام قائم على جبهة وطنية عالية التقدير للمصالح الوطنية ،فنحن أمام دولة مدنية مرجعيتها المصلحة الوطنية، دولة يعبد فيها المواطن ربه كما يشاء حيث تتجاور المساجد والمعابد الصينية والهندية في سلام أين يحدد" العمل" مكانة المواطن ،أما معتقداته فله رب يحاسبه عليها . إن التجربة الماليزية بكل تفاصيلها تحيلنا إلى جملة من الاستنتاجات = 01-انه لا توجد سياسة نموذجية واحدة لتحقيق التنمية في جميع الدول ،بل توجد سياسات متعددة ومتنوعة ،ولكي تنجح جهود التنمية فان هذه السياسات يجب أن تتخذ ضمن بيئة مناسبة من القواعد والقوانين والنظم (البيئة القانونية والمؤسسية) . 02-التنمية ولكي تكون ناجحة،فانه يجب أن تنهض على عدة أهداف متزامنة وليس على مجرد هدف واحد . 03-إن الانكفاء على الذات والعزلة عن الآخرين لم يعد ممكنا في وقت سقطت فيه الحدود وتلاشت فيه القيود أمام حركة البشر وراس المال،وانه لكي تتوفر لأية دولة شروط النجاح ينبغي على حكومتها أن تتفاعل-في أن واحد-على الصعيدين العالمي والمحلي . 04-أن التدخل الحكومي الواعي قد يكون بديلا جيدا عن كل من الانفتاح المطلق ،وتجارب التخطيط المركزي. 05-إن إرساء دعائم مؤسساتية ملا ئمة للظروف الاجتماعية السائدة من شانه أن يهذب القوميات المتمايزة. . 06-إن خلق إطار عام للوحدة الوطنية ونقل الولاءات بطريقة سلمية للوطن وليس لشخص أو طائفة من شانه أن يحول دون تفجر النعرات الطائفية لان ذلك لا يمس الجماعة في ضمير (النحن) بتعبير بوزان. 07_ ان التجربة الماليزية كتجربة ذات خصوصية زمكانية أثبتت أن التنوع أو التعدد الاثني ليس في كل الحالات مرادف للاقتتال والعنف يتوقف ذلك- فقط-على مدى قدرة النظام في صنع قيم موحدة بحيث يكون المرجع والملطف لهذه التمايزات لا المتعسف في صهرها قسرا .

السبت، 6 أكتوبر 2012

الإدارة العامة و الإدارة الرياضية

تمهيد :
يعرف معظم الناس كلمة الرياضة وفقا لخبراتهم و معلوماتهم و يعتقد كثير من الناس أن الرياضة هي المرح فقط . بينما أن الرياضة في نفس الوقت قد تعني عمل أو وظيفة الاحتراف ، السياحة الرياضية ، الأعمال التجارية لذلك نجد أن الرياضة لها أشكال عديدة ومن الصعب أن نجد تعريف يشمل كل هذه الأشكال الأمر الذي يجعلنا عند تعريف الرياضة أن يقترن التعريف بالشكل الذي تؤديه الرياضة ومن الجدير بالذكر إن اللجنة الحكومية للتربية البد نية و الرياضية لمنظمة التربية و العلوم و الثقافة )اليونسكو( وهي إحدى منظمات الأمم المتحدة قد وضعت مصطلح التربية البد نية و الرياضية على أساس التفريق بين التربية التي تعبر عن التربية عن طريق البدن و الأنشطة الحركية ، وبين الرياضة التي تعبر عن المنافسة في الأنشطة البد نية البشرية والتي تحكمها قواعد معينة ، وهناك تعريفات كثيرة تهدف جميعها إلى إيجاد مدلولات واضحة للرياضة على مختلف مستوياتها و بأشكالها المتعددة .ولكن ما همنا هنا هم القائمون على تنفيذ هذه الأنشطة ، شأنهم شأن القائمون على تنفيذ برامج الإنتاج و الخدمات في أي موقع ، وننجدهم يتدرجون في الوظائف من القيادات العليا و المتوسطة ، والمنفذون ، والذين نطلق عليهم الإداريون الرياضيون . ونبدأ من هنا الرحلة إلى الإدارة الرياضية مرورا بالإدارة العامة ووظائفها و مفاهيمها والتي نأمل أن يكون فيها من المعلومات و المصطلحات الخاصة بهذا العلم ومدى الحاجة إلى الإداريين بها .

1ـ الإدارة العامة
1ـ1 مفهوم الإدارة :
الإدارة تعبير يتكرر دائما وفي مواقف مختلفة وهي تعنى أشياء متباينة للأشخاص المختلفين فالإدارة عند البعض هي مجموعة الأفراد الذين يشغلون المناصب الرئاسية و القيادية في المؤسسات و الندية و الاتحاديات الرياضية وفي الأعمال المختلفة في المجتمع .
و الإدارة عند البعض الآخر هي مجموعة الأعمال والوظائف التي يمارسها المسئولون في مواقع العمل المختلفة في حين يرى فريق من الناس أن الإدارة هي تلك القواعد والإجراءات المنظمة للعمل والتي يتعامل الناس على أساسها و في حقيقة الأمر أن الإدارة أهم و أعمق من الأفكار السابقة فالإدارة عملية إنسانية مستمرة تعمل على تحقيق أهداف محددة باستخدام الجهد البشري و بالاستعانة بالموارد المادية المتاحة وقد تكون الأهداف التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها إنتاجية أو اقتصادية بمعنى اعم كما قد تكون تلك الأهداف سياسية أو اجتماعية أو ثقافية في طبيعتها .
فالإدارة إذن نشاط انسانى متكرر ومستمر نجده في كل المنظمات وعلى كل المستويات و الإدارة تمل العنصر الحركي الأساسي و القوة الواقعة الرئيسية في عمليات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية وفي كل مظاهر النشاط الإنساني، و المنطق الاساسى للإدارة أنها عملية مستمرة تحتوى على العديد من الأنشطة activités) (
و نستخدم أشكالا متنوعة من المواد ressources) ( بعضها مادي ) matériel ( و بعضها الآخر إنساني) humain ( وذلك وصولا إلى أهداف محددة ، أما الإدارة العامة administration) ( فهو مصطلح آخر له معنى قريب من الإدارة ومع ذلك فهو يستخدم للدلالة أو الإشارة إلى إدارة المؤسسات الاجتماعية مثل المدارس و المستشفيات ويمكن استخدامه أيضا في منظمات الأعمال خاصة إذا كنا بصدد التطرق إلى وظائف الإدارة العليا بالمنظمة .
فالإدارة تعبر عن النشاط الانسانى المرتب و المستمر و التي يصطلح به أفراد ممن لهم قدرات و مهارات و خبرات متنوعة تمكنهم من تحقيق أهداف محددة .

1ـ2ـ تعريف الإدارة:
وهناك عدة تعار يف لكلمة الإدارة سردها كثير من الباحثين و الكتاب، وقبل ذلك نود أن نلقي الضوء على التعريف اللفظي لهذه الكلمة.
إدارة) بدير( manage تعنى :{ يخطط و ينظم نشاطات و أعمال الناس الذين تجمعهم مهمة معينة ، الإدارة هي management : فن أو علم توجيه و تسير و إدارة عمل الآخرين بقصد تحقيق أهداف محددة ، وقد تبارى المتخصصون في وضع التعريفات الجامعة و الشاملة لمعنى الإدارة نسوق منها :
مارى بار كر : فن إنجاز الأعمال بواسطة الناس .
فايول: يقصد بالإدارة التنبؤ و التخطيط و التنظيم و إصدار الأوامر و التنسيق و الرقابة.
فردريك تايلور:{ إن فن الإدارة هو المعرفة، الصحيحة لما تريد من الرجال أن يقوموا بعمله رؤيتك أي ملاحظتك و مباشرتك إياهم وهم يعملونه بأفضل الطرق و أرخصها ثمنا }.
أورد واى تيد:{ توجيه الناس المشتركين معا في عمل للوصول إلى هدف مشترك }
وقد ذكركيمبل أن الإدارة تشمل جميع الواجبات و الوظائف التي تختص أو تتعلق بإنشاء المشروع من حيث تمويله، ووضع سياسته الرئيسية و توفير ما يلزمه من معدات و إعداد لتكوين الإطار التنظيمي الذي يعمل فيه و كذلك اختيار الرؤساء و الأفراد الرئيسين }
لفنجستون {إن وظيفة الإدارة هي الوصول إلى الهدف بأحسن الوسائل واقل التكاليف في حدود الموارد و التسهيلات المتاحة الممكن استخدامها }
كما ورد في قاموس العلوم الاجتماعية الذي يصدر في الو، م، أ تعريف آخر للإدارة يقول: يمكن تعريف الإدارة أنها العملية الخاصة بتنفيذ غرض معين والإشراف على تحقيقه و تعرف الإدارة من الناحية الإنسانية بأنها الناتج المشترك لأنواع و درجات
مختلفة من المجهود الانسانى الذي يبذل في هذه العملية، كما أن اتحاد هؤلاء الأفراد الذين يبذلون سويا هذا المجهود في أي مشروع من المشروعات يعرف بإدارة المشروع.
وذكر أبلى عبارة في مجلة الأفراد التي تصدرها جمعية الإدارة الأمريكية أكد فيها على أهمية العلاقات الإنسانية كعامل رئيسي في الإدارة حيث قال: أن الإدارة قد عرفت بألفاظ بسيطة جدا على أنها تنفذ الأعمال عن طريق مجهدات أشخاص آخرين، وان هذه الوظيفة تنقسم على الأقل إلى نوعين رئيسين من المسؤولية الأولى هي التخطيط و الثانية هي الرقابة.
وذكر الدكتور في كتابه الأصول العلمية للإدارة و التنظيم إن الإدارة عبارة عن النشاط الخاص بقيادة، و توجيه و تنمية الأفراد و تخطيط و تنظيم و مراقبة العمليات و التصرفات الخاصة بالعناصر الرئيسية في المشروع لتحقيق أهداف المشروع المحددة بأحسن الطرق واقل التكاليف.
1ـ3 المبادئ العامة للإدارة:
يرى فايول Fayol أن الوظيفة الإدارية تنشا مع أفراد التنظيم أو الجماعات الإنسانية فيه وان التنظيم نظام العمل السليم بين الجماعات التنظيمية يستند على عدد من الاشتراطات المتميزة التي يطلق عليها المبادئ أو القواعد أو القوانين و يرى أيضا انه من الضروري تفهم كيفية استخدام المبادئ العامة للإدارة في مجال التطبيق، كما يرى انه لا يوجد هناك عدد محدد من المبادئ الإدارية التي يجب استخدامها و التي تعمل على تسهيل و تحسين عمل الجماعة و قد توصل فايول إلى عدد من المبادئ التي يرى أنها أكثر قابلية للتطبيق في مجال الإدارة.
1ـ3ـ1 تقسيم العمل:
يرى فايول أن الغرض الرئيسي من تطبيق مبدأ تقسيم العمل هو تحسين أداء العمل ورفع إنتاجية الأفراد وذلك عن طريق الجهد المبذول ويرى أن تطبيق مبدأ تقسيم العمل يلائم جميع الأعمال التي تشتمل على مجموعة معينة من الأفراد و التي تتطلب قدرات متنوعة دون استثناء.
1ـ3ـ2 السلطة و المسؤولية:
يرى فايول انه من الضروري التفرقة بين السلطة الرسمية للادارى و التي يكتسبها من مركزه داخل التنظيم و بين السلطة الرسمية التي تتكون من مجموعة من الخصائص المميزة كالذكاء و الخبرة المعنوية العالية و القدرة على القيادة. و يرى فايول أننا كلما تدرجنا في التسلسل الادارى كلما زادت درجة الصعوبة في تحديد المسؤوليات، فالأعباء تتزايد وتتعقد كلما صعدنا إلى مركز أعلى داخل التنظيم.
1ـ3ـ3 الامتثال للنظام:
و يقصد بذلك الطاقة و القبول و الجهد و السلوك و المظاهر الخارجية أو المادية للاحترام و التي تنطوي عليها العقود القائمة بين المؤسسة و موظفيها، ويرى فايول أن احترام مبدأ الامتثال للنظام يجب أن لا يقتصر فقط على المستويات الدنيا في التنظيم بل يجب أيضا أن يسود بين كبار رجال الإدارة.
1ـ3ـ4ـ وحدة القيادة:
و ينص المبدأ على ضرورة أن يتلقى الموظف أوامر من رئيس واحد فقط و يرى فايول أن هذا هو مفهوم أو قواعد وحدة القيادة و التي يجب أن يسود نظام العمل في أي مشروع و أن انتهاك هذا المبدأ سيؤدى إلى انهيار السلطة و اختلال العمل و تعقد مبدأ الامتثال للنظام و فقدانه الأهمية.
1ـ3ـ5ـ وحدة التوجيه:
و يعبر عن هذا المبدأ وجود رئيس واحد و خطة واحدة لمجموعة الأنشطة التي لها الأهداف نفسها، و يعتبر هذا المبدأ من الشروط الأساسية للعمل الرياضي لوحدة العمل ولتنسيق القوة و تركيز الجهود باعتبار أن الجسم الذي له رأسان في المجال الاجتماعي كما هو في المجال الحيواني يعتبر وحشا و يتعذر عليه أن يعيش.
1ـ3ـ6ـ مكافأة الأفراد:
تعتبر مكافأة الأفراد هي بمثابة السعر الذي يدفع للخدمات التي يؤدونها و يجب أن تكون عادلة كلما أمكن أن تؤثر بدرجة كبيرة على تقدم الأعمال و بهذا يصبح اختيار طريقة الدفع من الوسائل الهامة في تحديد مكافأة الأفراد.
1ـ3ـ7ـ المركزية:
تتصل المركزية بالنظام الطبيعي مثلها كمثل تقسيم العمل و معنى ذلك انه في كل جسم سواء أكان حيوانيا أم اجتماعيا نجد الاحساسات تتجه نحو الذهن أو الجزء الموجه و أن هذان العنصران يصدران الأوامر إلى جميع أجزاء الجسم الحي.
1ـ3ـ8ـ السلم الادارى
و يتكون من سلسلة الرؤساء التي تتفاوت من أعلى سلطة إلى اقل مستويات إدارية و يقال: إن هذا الطريق يحدد الحاجة إلى إيجاد و سائل لنقل البيانات و المعلومات من ناحية أخرى بمبدأ وحدة القيادة.
1ـ3ـ9ـ مبدأ النظام:
يتوقف مبدأ النظام على القاعدة التي تنص على ضرورة إعداد مكان لكل شيء وكل شيء في مكانه، و تنطبق هذه القاعدة على النظام الانسانى بمعنى ضرورة إعداد مكان لكل فرد و كل فرد في مكانه، ومن الناحية الإنسانية فلكي يسود النظام الاجتماعي داخل التنظيم فان المكان الذي تختاره لوضع الفرد فيه يجب أن يكون مناسبا له كما يجب أن يكون صالحا لشغل المكان على أساس أن الشخص الملائم في المكان المناسب.[5]
1ـ3ـ10 العدالة :
يرى فايول أن هناك فرقا بين العدالة و العدل باعتبار أن العدل هو وضع الأشياء موضع التنفيذ و لكي يتمكن الأفراد من تنفيذ واجبا تهم بكل التفاني و الولاء الذي يقدرون عليه فانه يجب معاملتهم بالعطف، وان العدالة تنشا من الجمع بين العدل و العطف.
1ـ3ـ11 روح الجماعة:
إ ن الاتحاد قوة هكذا يقول فايول ومن رأيه أن على رؤساء الأعمال أن يفكروا بعمق على أساس هذا المثل، ومن رأيه أن الانسجام و الاتحاد بين أفراد المؤسسة من القوى العظيمة فيها و يترتب على ذلك أن الإدارة يجب أن تبذل جهدها لتحقيق هذا المثل، و بذلك فمن مصلحة التنظيم تنمية روح الجماعة و التمسك لها باعتبارها قوة تعمل على تماسك أجزاء التنظيم و بظافر الجهود والقوى لتحقيق العدالة.
1ـ4ـ خصائص الإدارة:
1ـ4ـ1 إن الإدارة ليست تنفيذا للأعمال بل الأعمال يتم نتفيذها بواسطة الآخرين و أن مجرد كون احد الأفراد يرأس عددا من المرؤوسين لا يجعل منه مسؤولا كما أن وجود هيدراكية أو إمبراطورية من الأتباع المخلصين لا يعنى بالضرورة تنطوي على تحديد الأهداف و تحقيقها بواسطة جهود المرؤوسين، ولكي يشارك الفرد في الإدارة فمن الضروري أن يتغلب على الميل نحو الأشياء أو الأعمال بنفسه و يبدأ في جعل الأشياء تتحقق عن طريق جهود أعضاء الجماعة، ومن هذا المنطلق يمكن القول: إن النشاط الادارى ـ العمل الادارى ـ يختلف عن النشاط التنفيذي و إذا كان هو الذي يحدد الأهداف بينما يقوم أفراد آخرون بتحقيقها فان هذا يضفى على الإدارة صفة التمييز.
1ـ4ـ2 إن الإدارة عملية مستمرة و مصدر استمرارها هو استمرارية بقاء منظمات خدمة البيئة و التي تسعى لإشباع حاجات المجتمع من السلع و الخدمات بأنواعها المختلفة لان حاجات الإنسان دائما مستمرة و متجددة وان إشباعه لحاجة معينة يجعله يسعى لإشباع حاجة أخرى فضلا عن تعدد حاجته و طموحاتهم في المستقبل.
1ـ4ـ3 الاهتمام بالعنصر البشرى لتحقيق الأهداف نسبة لأنه عنصر ديناميكي له دوافعه وحاجاته يود إشباعها.و بالتالي لابد للإدارة أن تعمل على التأثير على سلوكه لتحقيق الأهداف.
1ـ4ـ4 العمل الادارى يختلف عن العمل الفني، فالعمل الفني يهتم بالخصائص الملموسة للمادة، أما العمل الادارى فهو اشمل من ذلك حيث يهتم بالجانبين معا.
1ـ4ـ5 العمل الادارى يتصف بالعمومية لان وظائفه تمارس في جميع المنظمات مهما كانت طبيعة عملها و في كل المستويات الإدارية.
1ـ4ـ6 وظائف العمل الادارى تعتبر وظائف متكاملة متناسقة و ليست وظائف منفصلة عن بعضها البعض.
1ـ4ـ7 العمل الادارى عمل مبدع وخلاق يستخدم المعلومات المتاحة لاتخاذ القرارات من خلال التفكير و التدقيق و المفاضلة بين البدائل المختلفة و اختبار البديل الأفضل.

1ـ5 أساسيات الإدارة:
1ـ5ـ1 الاتصال:
يعرف عض الكتاب وظيفة الاتصال بأنها عملية تبادل المعلومات و تعرفها الجمعية الأمريكية للإدارة بأنها التصرف الذي ينتهي بتبادل المعاني ويعتبر الاتصال من العمليات التي تحتاج إلى تخطيط لتفصيلاتها و تحديد للإجراءات كما يتطلب حصر الخطوات الرئيسية في تخطيطها حيث أن الغرض من عرض موضوع الاتصال ليس هو المعالجة التفصيلية له و إنما تحديد الوسيلة التي تستخدمها الإدارة عن طريق الاتصال لتحقيق الأهداف القصيرة الأجل و الطويلة لها .

1ـ5ـ2 القرارات الإدارية:
أن الوظائف الأساسية للإدارة لا يمكن أن تتنبأ وحدها و بالتالي فان العملية الإدارية في حد ذاتها لا تخلق و يترتب على أن عملية اتخاذ القرارات تنتشر في جميع المستويات الإدارية . وان ممارسة عملية اتخاذ القرارات تكسب الفرد خبرة تساعده في الوصول إلى الوسائل الملائمة لاتخاذ قرار سليم

1ـ5ـ3 المسؤوليات :
إن المسؤوليات الإدارية هي التزامات الأفراد الإداريين للأداء الملائم للوظائف الإدارية و الواجبات و تكون نتيجة أداء الاختصاصات الإدارية خلق المنافع بطريقة ليست مباشرة.
إن المسؤولية مسالة فردية يجب أن تؤدى بطريقة ملائمة وان المسؤولية مشتقة من الوظيفة بمعنى أنها موروثة في النشاط العلمي.

1ـ5ـ4 السلطات :
تعتبر السلطة هي الحق الذي يمكن الفرد من الوفاء بالتزامات معينة وهى من مشتقات ا لمسؤولية و الأخيرة من مشتقات الوظيفة و تعتبر السلطة من مشاكل الهيكل التنظيمي و يكون غرضها هو تمكين الأفراد من القيام بأعباء المسؤوليات المفوضة إليهم.

1ـ5ـ5 التنسيق :
إن العملية المنسقة هي العملية المتجانسة و المتعادلة و المتداخلة مع بعضها البعض نحو تحقيق هدف مشترك و لذلك نعتبر أن التنسيق من الأهداف الأصلية لكل إدارة وهي جزء من المظاهر الإدارية سواء كانت تخطيطا أو تنظيما و تنمية كفاءات
الإداريين أو توجيهها أو رقابتها.وان انعدام الفهم الكامل لما يقوم به الفرد كثيرا ما يؤدي إلى التنسيق السيئ.

1-5-6 الإجراءات الإدارية:
تعرف الإجراءات بأنها الوسائل التي بمقتضاها يمكن تحريك الأعمال المتكررة ودفعها للأمام.

1ـ6 ـ نظريات الإدارة
1ـ6ـ1ـ النظرية التقليدية ( نظرية x )
تقوم هذه النظرية على مجموعة من الافتراضات عن حقيقة النفس البشرية و محددات السلوك كالاتى:
· الإنسان بطبعه كسول لا يحب العمل
· الانسان بطبعه خامل لا يريد تحمل المسؤولية في العمل
· يفضل الإنسان دائما أن يجد شخصا يقوده و يوضح له ماذا يعمل
· الإنسان يعمل خوفا من العقاب أو الحرمان و ليس حبا في العمل
تلك هي فروض النظرية التقليدية وهى تفسير السلوك الانسانى بطريقة تؤدى إلى أن تتبع الإدارة طريقة خاصة في معاملة الأشخاص تتفق و تلك النظرية إلى الإنسان و طبيعته.
هناك العديد من التجارب العملية أثبتت أن أوامر كثيرة تصدرها الإدارة لا تطاع بل يتجاهلها الأفراد في الاتجاه المضاد لما تنادى به تلك الأوامر. و في أحيان أخرى قد يتصرفون دون أن تصدر إليهم أوامر محددة كذلك يتبين للباحثين في ميدان علاقات العمل أن الإنسان ليس كسولا بطبعه بل هناك أفراد يعملون ساعات أطول من ساعات العمل المقررة، و إذا كان الإنسان بطبعه كسولا فكيف نفسر إقبال احد المسؤولين على عمله لفترات طويلة بل انه حتى حين يذهب إلى بيته يستمر في العمل و لا ينقطع عن التفكير في مشاكل العمل و حتى حين ياوى إلى فراشه.
أن تلك المظاهر للسلوك الانسانى توضح فشل التفسير الذي تقدمه النظرية التقليدية حيث انه يجافي طبيعة الإنسان كما تتضح في حالات أو مواقف إنسانية متعددة لذلك لابد من البحث عن تفسير آخر.

1ـ6ـ2ـ النظرية الحديثة ( نظرية y)
بالنظر إلى فشل النظرية التقليدية في رسم صورة حقيقية لصورة الإنسان و محددات سلوكه فان النظرية الحديثة تحاول تقديم مجموعة أخرى من الفروض التي تفسر بعض مظاهر السلوك الانسانى و هي:
· الإنسان يرغب في العمل لذاته فهو يحب العمل و يفضله عن الفراغ .
· الانسان يسعى الى تحمل المسؤولية و المخاطرة .
· الانسان يطلب الحرية في العمل و التحرر من القيود وهو يفضل أن يكون قائدا و ليس تابعا
· الوعد بالمكافأة و احتمال الحصول على نتائج ايجابية دافع أساسي للعمل أي أن الإنسان ليس خوفا من العقاب و لكن أملا في المكافأة.
تلك الفروض للنظرية الحديثة ساهمت في توجيه أساليب الإدارة في العصر الحديث تجاه ما يسمى " العلاقات الإنسانية " و بناء على ذلك الاتجاه أصبح أسلوب القيادة و الإشراف الديمقراطي الذي يسمح للأفراد بحرية العمل و التعبير هو الأساس و شجعت الأساليب الاستبدادية في القيادة حيث أنها تتجافى طبيعة الإنسان.

1ـ6ـ3ـ نظرية الإدارة التنظيمية :
في الوقت نفسه الذي بدأت فيه مبادئ الإدارة العلمية في و م ا تحتل مكانها في الدراسات و الأعمال الإدارية كان هنرى فايول يقدم إسهامه إلى الإدارة عن طريق مبادئ الإدارة و هو بذلك كان الأول في الكتابة عن نظرية الإدارة التنظيمية التي تهتم بالأعمال الإدارية من ناحية وصف و تحليل الوظائف الإدارية و سرد مبادئ التنظيم و تختلف هذه النظرية عن مبادئ الإدارة التعليمية من ناحية جوهر اهتماماتها و هو تحليل العمل اليدوي و دراسة الزمن و الحركة في الإدارة العملية و دراسة و تحليل وظيفة الإدارة و التنظيم في نظرية الإدارة التنظيمية.

1ـ7ـ وظائف الإدارة :
عرف هنري فايول الوظائف الإدارية عن طريق و صف مراحل الإدارة و قد قام بتعريف خمس وظائف :

1ـ7ـ1 التخطيط :
و يشمل كل الأنشطة التي يقوم بها المسؤول بعمل خطة للعمل ففي التخطيط على المسؤول أن يحدد الأهداف و يوضحها .

1ـ7ـ2ـ التنظيم :
و هي تمثل جميع الأنشطة التي يقوم بها المسؤول و تجميعها لتحقيق الأهداف بأقل التكاليف وهى في هذا تشمل تحديد نوعية المسئولين و مواصفاتهم و تنتهي بعمل الهيكل لتنظيمي المقسم إلى أعمال و سلطات و مسؤوليات .

1ـ7ـ3ـ الأمر:
ويقصد بها هنري فايول توجيه جهود المسئولين و العاملين في المؤسسة ، ولتحقيق هذا الأمر جب على المسؤول أن يدرس ويعرف طبعة كل شخص و عمله على حدة و نوعية الاتفاقات بينه و بين المؤسسة و كذلك يجب على المسؤول أن يكون لديه اتصال ذو اتجاهين مع مسئوله إلى جانب تقييم الهيكل
التنظيمي و مراجعته كل فترة من الزمن وان لا يتردد في تطبيق العقوبات اللازمة للمخالفين أو غير الراغبين في إتباع التعليمات

1ـ7ـ4 التنسيق
و يرى فيول في هذا العمل الذي يوحد ويضع كل الجهود في إطار واحد لتحقيق الهدف العام للعمل المطلوب .

1ـ7ـ5ـ الرقابة
وهى العمل الذي يحاول أن يتأكد من أن المجهودات متناسقة و منسجمة مع الخطط الموضوعة.

1ـ8ـ الجودة الشاملة في الإدارة الرياضية :
تعنى الجودة الشاملة >> ذلك الأسلوب الذي يهدف التعاون و المشاركة من كافة العاملين في الهيئة الرياضية بهدف تحسين الخدمات و الأنشطة بها مما يحقق رضا المستفيدين من الأنشطة و تحقيق أهداف الهيئة ذاتها .

1ـ9ـ تحقيق الجودة الشاملة في الهيئة الرياضية :
يمكن أن يحقق أسلوب الجودة الشاملة في الهيئة الرياضية ، و أن يحقق أهدافه من خلال عدد من المقومات وهي كما يلي :

1ـ9ـ1 الأداء الصحيح
وهى يعني تنفيذ إجراءات العمل بشكل صحيح ومن أول ممارسة له و في الزمن المحدد لإنجازه

1ـ9ـ2 استخدام نظم المعلومات في حل المشكلات :
و هو ما يعنى إجراءات العمل بشكل صحيح ، ومن أول ممارسة له و في الزمن المحدد لإنجازه .

1ـ9ـ3 التركيز على كل من العمليات و النتائج معا :
و ما يعنى الاهتمام بأسلوب العمل ، و طريقة تنفيذه و التدقيق في استمرار تطويره ، بجانب العمل على تحقيق الأهداف المرجوة ، وما يعنى الاهتمام بالعمليات الإدارية في الهيئة بجانب نتائجها .

1ـ9ـ4 تنمية الموارد البشرية :
و هو ما يعنى العمل على رقى أداء الأفراد العاملين في الهيئة الرياضية و ذلك من خلال الدورات التدريبية للإحاطة بكل ما هو جديد و متطور في مجال التخصص الوظيفي ، وكذلك تحين الظروف المحيطة بالعمل و التأكيد على انتماء العاملين بالهيئة الرياضية .

2ـ الإدارة الرياضية :
2ـ1 الإدارة في التربية البد نية و الرياضية :
هناك إعداد كبيرة من العاملين في مجالات التربية البد نية و الرياضية يمارسون عملية الإدارة من خلال وظائفهم التخصصية أو التطوعية ، و ينتشر هذا العدد على مستوى مؤسسات الرياضة بمختلف أنواعها مثل :
اللجنة الاولمبية و الاتحاديات الرياضة و الأندية الرياضية و مراكز الشباب و أندية المؤسسات و المصانع و الأندية الرياضية بالمؤسسات العسكرية ، خلاف المدارس و المعاهد و الكليات و الجامعات.
ومن المهم على من يمارسون العمل الادارى الرياضي أن يعرفوا ما يتميز به هذا العمل وما يتطلبه من قدرات و في حالة عدم إلمامهم و معرفتهم به فسيؤدى ذلك إلى أخطاء في العمل ربما تؤدى إلى إخفاق مؤسساتهم في تحقيق أهدافها ، وهناك نظريات متعددة في الرياضة نستطيع أن نستمد منها كقيم تساعد على توضيح دور الإدارة في مجالات التربية البدتية و الرياضة فان معظم برامج التربية البد نية و الرياضية تدار تحت إشراف أشخاص لهم خبراتهم و قدراتهم التي جمعوها عن طريق تعاملاتهم الشخصية وخبراتهم السابقة ، هذه الخبرات لم تعد تثمن حاليا ، و عليهم أن يرجعوا إلى الجديد من البحوث و الكتب و المعاملات التي تناولت مواضيع الإدارة من حيث التخطيط و القيادة و التوجيه و العلاقات الإنسانية و كذلك التقويم و يستطيع القادة و العاملون في مجالات التربية البد نية و الرياضية أن يحققوا تقدما كبيرا في هذا المجال إذا ما ربطوا أبحاثهم العلمية بالنظريات العلمية و هذا ما نسميه بتزاوج المعرفة بين الخبرة والعلم . وتحكم طبيعة العلاقات بين المؤسسات الرياضة قوانين و لوائح و قرارات من شانها تحديد كل مؤسسته في الهيكل العام ، كما تتحكم طبيعة تنظيم كل مؤسسة صحة ما يتخذ فبها من قرارات مثل : الجمعية العمومية العادية و غير العادية ، و مجلس الإدارة ، والمكتب التنفيذي ، واللجان الفنية ، لكننا نجد في بعض الأحيان أن هناك تقف أمام اللوائح موقف العاجز ولا نستطيع حلها ،
فعلى سبيل المثال لا الحصر : مشكلة انقسام الأداء في مجلس الإدارة ومن المفترض أن يكون رأي الأغلبية هو الذي يتم الأخذ به و لكن هل يكون رأي الأغلبية دائما هو الصحيح ؟
فهناك أغلبية ـ مثلا ـ تكون أكثر من النصف بواحد فقط و بالرغم من ذلك فان البعض يرى أن ذلك أفضل من أن يترك القرار لفرد واحد يتخذه بمفرده .

2ـ2ـ الهيئات الإدارية الرياضية
تنقسم الهيئات الرياضية إلى قسمين أساسين هما : الهيئات الحكومية و الهيئات الأهلية .

2ـ2ـ1 الهيئات الحكومية
وهي الهيئات التي تفوضها الدولة عنها في تسيير و إدارة و متابعة أنشطة التربية البدنية و الرياضية مثل : وزارة الشباب و الرياضة ، مجلس أعلى للشباب و الرياضة ، هيئة عامة للشباب و الرياضة ، مؤسسة عامة للشباب و الرياضة ، رئاسة عامة للشباب و الرياضة ، حيث تختلف المسميات من دولة إلى أخرى إلى جانب وزارة التعليم التي تقوم ـ بحكم مسؤولياتها الرئيسية في تربية النشء و الشباب في قطاعات التعليم بجميع مراحله ـ و بإتاحة الفرص للطلاب بدنيا و عقليا و روحيا ، وذلك عن طريق دروس التربية الرياضية و الأنشطة الرياضية التي يتم تنفيذها داخل و خارج المدرسة إضافة إلى خطة الدراسة المنهجية ، وبرامج الأنشطة التي يتم التركيز عليها خلال اشهر العطلة الصيفية داخل بعض المدارس أو بمراكز التدريب و إضافة الجامعات بما تقدمه للطلاب من أنشطة رياضية .

2ـ2ـ2ـ الهيئات الأهلية
بنظرة مبدئية لخريطة الهيئات الأهلية الرياضية في أنها المساحة الأكبر و الأشمل من حيث تعدد نوعياتها و انتشار فروعها و إشباع مجالات نشاطاتها ، وشمولها بكل قطاعات الشباب ، وتتمثل الهيئات الأهلية في كل جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من أشخاص عدة طبيعيين و اعتباريين و لا تستهدف الكسب المادي و يكون الغرض منها تحقيق الرعاية للشباب و إتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم ، وذلك عن طريق توفير الخدمات الرياضية والاجتماعية و الثقافية و الروحية و الصحية و الترويجية كل ذلك في إطار السياسة العامة وهذه الهيئات الأهلية مثل :
اللجان الاولمبية الوطنية ـ الاتحاديات الرياضية ، الأندية / مركز الشباب ـ اتحاد جمعيات الأنشطة الشبابية

2-3 أهمية الإدارة في المجال التربية البدنية و الرياضية :
هناك سؤال يتردد كثيرا عن أهمية دراسة الأسس العامة لعلم الإدارة للعاملين في مجال التربية البدنية والرياضية وللإجابة عن هذا السؤال يجب عرض الحقائق التالية:

أولا:
تدار أي مؤسسة أو هيئة –خدمية كانت أو ربحية – لحياة الإنسان والإنسان بدوره يتأثر بطريقة الإدارة فيها بنوع البرامج التي تقدمها و المناخ الذي تنفذ فيه هذه البرامج و بأهداف هذه البرامج.

ثانيا:
تزودنا الإدارة بالمفاهيم الأساسية للعلوم المتعلقة بهذا المجال و النظريات و التقنيات و أسس التقويم الموضوعي للأنشطة والأفراد والنظم. وتزودنا قبل : ذلك بالخبرة التي تمكننا من اكتشاف أحسن وأنسب الطرق للإدارة السليمة .

ثالثا:
تساعد الإدارة كل إنسان يتخذها مهنة له في توسيع مفاهيمه الإدارية وإستكمال ما ينقصه من مقومات لتحقيق النجاح في عمله والذي ينعكس بطبيعة الحال على المؤسسة والهيئة والجماعة التي يديرها .

رابعا :
يمارس معظم قادة التربية البدنية والرياضية بعض أنوع العمل الإداري سواء في المدرسة أوالنادي أو الإتحاد أو مركز الشباب . وكذلك يجب أن يكون أعلى بنية من المقومات الأساسية لعملية الإدارة حتى يحققوا النجاح في هذا الجزء المهم من عملهم.

خامسا:
جميع أنشطة التربية البدنية والرياضية عبارة عن جهد جماعي . فالإدارة أساسية لتنفيذ أهداف تسعى إليها . وتنمية روح العمل الجماعي والتخطيط المسبق لأي برنامج . والعمل المشترك التعاوني .المنسق وتحقيق هذا كله يتطلب معرفة بإمكانات الإدارة .

سادسا :
تساعد الإدارة على تحقيق الإستمرار حيث ان من أساسيات العملية الإدارية القيام بالأعمال التي حققت نجاحا وإستبعاد الأعمال التي لم تحقق النجاح وسيزيد ذلك من
فرض الممارسات الناجحة للعاملين بالمؤسسة أو الهيئة وبالتالي ستظهر بصورة جيدة.

سابعا :
تؤدي زيادة المعرفة بعناصر الإدارة التي تحقق علاقات إنسانية طيبة بين المجموعات مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج وكفاءاته في تحقيق الأهداف .

2ـ4 تعاريف للإدارة الرياضية :
إن الرياضة وأهميتها كبقية شؤون الحياة الأخرى تحتاج إلى إدارة و تنظيم جيدين وان الاختصاصين في شؤون الإدارة الرياضة قاموا بعرض مواضيع و عمليات نظرية عامة يمكن أن تنسجم مع الجوانب التطبيقية العلمية و بهذا فان مهمتهم هذه تحدد في عمليات تحليل و تخطيط و تقرير و مراقبة المسائل الأساسية اليومية المتعلقة باتجاهات تطور حقل التربية البدنية و الرياضية على ضوء الخبرة المجتمعة و التي تتجمع نتيجة للعمل الادارى .
إن كل المساعي و الجهود في العمل التي تبذل داخل هذا الحقل تسعى في الحقيقة إلى الوصول إلى هدفين رئيسيين متداخلين مع بعضيهما :
ü تحقيق إنجازات رياضية عالية .
ü محاولة جذب و احتواء الشباب لممارسة الأنشطة الرياضية بشكل متواصل و منظم .
مما لا شك فيه أن الإنجازات في المستويات الرياضية العالية تحقق من قبل الرياضيين أنفسهم إلا أن هناك جهودا أخرى تضاف إلى كل الجهود المبذولة من قبل الرياضيين من اجل الحصول على النتائج الرياضية المتقدمة . لقد توضح و منذ سنوات طويلة بان النتائج الرياضية المتقدمة هي ثمرة الجهود المبذولة في العمل الجماعي المشترك و هذا لا يتمثل بمهمات المدرب مع الرياضي أو الفريق فحسب بل يمتد أكثر ليشمل الناحية الإدارية ، وقد فهمت الدول المتقدمة في عالم الرياضة أهمية هذا الدور ، وعملت على تشريع القوانين الخاصة بذلك لأجل تطوير و حماية مفهوم العمل الجماعي في هذا الحقل ، وذلك بمساهمة اللاعبين و المدربين و الإداريين ، إن هذا يقودنا إلى وضع الفكرة الأولى من هدف الموضوع الذي نحن يصدده وهو ليس بالا مكان تحقيق أي تطور ملموس في أي حقل من حقول التربية البدنية و الرياضية إذا لم يصاحب ذلك عملا إداريا جيدا و الذي يستند إلى مبادئ الإدارة العلمية الحديثة و بهذا فان العمل الإداري هو احد عوامل التطور الأساسية في حقل التربية البدنية و الرياضية بشكل عام و هذا يقودنا إلى القول : أن الإدارة
العلمية الحديثة تحقق بالاستخدام العلمي للعمل الإداري و بهذا فان الفعالية العلمية في هذا الحقل تستند و ببساطة على الخبرة المتجمعة في العمل الذي أساسه العلم و الذي يستخدم المعارف الحديثة للعلوم الرياضية و الإدارة .
أن التطور الذي طرق للتربية البدنية و الرياضية مؤخرا جعلها تستعين بالأسلوب العلمي لمعالجة أمورها و حل مشاكلها فكان لزاما عليها أن تلجا إلى التنظيم المبرمج و الإدارة الجيدة كفن وعلم لتنظيم مختلف أنشطتها ، و هي فن وعمل و هذا الفن حسن التخطيط و التنظيم
تعتبر الإدارة الرياضية من أهم مقومات التطور الرياضي العلمي الحديث ،لأنها الإدارة الفاعلة
في زيادة الإنجاز الرياضي و تطويره كما و نوعا و هي تخطيط و تنفيذ و متابعة و تقويم لكل الأنشطة الرياضية .
و الإدارة الرياضية لأي لعبة من الألعاب الرياضية تعتبر عنصرا أساسيا من العناصر التي تسعى لتقدم و
ازدهار هذه اللعبة ، فهي تقود التقدم و تعمل جاهدة على تنشيط حوافز التغيير و تنمية عوامله و تحريك متطلباته ، و بهذا فإنها مطالبة بان تعد نفسها ، و تهيء أدواتها و وسائلها لتكون أكثر تجاوبا مع ظروف المجتمع و البيئة.
و الإدارة في المجال الرياضي عرفها عدلة عيسى مطر ، طلحة حسام الدين « بأنها عملية تخطيط وقيادة و رقابة مجهودات أفراد المؤسسة الرياضية ، و استخدام جميع الموارد لتحقيق الأهداف المرجوة».
و عرفها ثابت إدريس ، جمال الدين موسى « بان الإدارة تنطوي على مهام رئيسية من صياغة مهمة المؤسسة و إظهار قدرتها و مواردها الداخلية و تقييم البيئة الخارجية للمؤسسة و اختيار مجموعة من الأهداف طويلة الأجل و العمل على تحقيقها » .
و يؤكد سعيد المصري بان التعريف الحديث للإدارة هي منظومة من الأنشطة الذهنية المتكاملة و التي تهدف إلى :
· تهيئة بيئة داخلية محفزة للأفراد و الجماعات لتعمل بإرادتها في تحقيق أهداف المؤسسة و ذلك لاقتناعهم بان تحقيق أهداف المؤسسة سيؤدي إلى تحقيق أهدافهم الذاتية في النهاية .
· التفاعل المستمر مع البيئة الخارجية و مع المتغيرات المستمرة التي تطرأ عليها و الأعداد للتكيف معها بما يحقق أهداف المؤسسة في الأجلين القصير و الطويل .
و يعرفها مفتى إبراهيم في كتابه تطبيقات الإدارة الرياضية بأنها « فن تنسيق عناصر العمل و المنتج الرياضي في الهيئات الرياضية ، و إخراجه بصورة منظمة من اجل تحقيق أهداف هذه الهيئات » .
كما تعرف أيضا بأنها « توجيه كافة الجهود داخل الهيئة الرياضية لتحقيق أهدافها »
و مما سبق يتضح أن الوظيفة الإدارية في الهيئة الرياضية أيا كان مستواها ما هي إلا أسلوب أو طريقة لتحقيق مهام معينة بأحسن درجة ممكنة من الكفاية .
يلاحظ أن تحقيق المهام الوظيفية بأحسن درجة من الكفاية يتم من خلال أحداث تغيير في سلوك الإداريين داخل الهيئة الرياضية و تحسين كفاءتهم و مهاراتهم و قدراتهم في إطار من عناصر الإدارة أو وظائفها أو عملياتها بهدف تحقيق المصلحة العليا للهيئة .

2ـ5 صفات الإدارة الرياضية العلمية الفعالة:
يمكن تحديد الإدارة الرياضية العلمية السليمة كمايلي :

الشمول :
بمعنى ضرورة تغطية الإدارة لكافة جوانب و مجالات العمل في الهيئة الرياضية في حدود اختصاصها .

التكامل
و يعنى أن يتولى كل قسم أو جزء في الهيئة الرياضية جانبا من التنظيم حيث يؤدى أو يقوم بمهام محددة متخصصة ، مع مراعاة أن تكمل كافة الأقسام أو الأجزاء العملية الإدارية للهيئة الرياضية ككل ، ويكون ذلك في إطار و نسق واحد ، بحيث تتحقق النتائج المرجوة .

المستقبلية
و يعنى ذلك ضرورة أن تعمل الإدارة الرياضية ليس للحاضر فقط ، و إنما للمستقبل أيضا من خلال أهداف . وأماني وتطلعات في زمن آت. وعليها خلال عملها من أجل ذلك أن تنظر إلى الماضي لتستقي منه الدروس وهنا تظهر أهمية التنبؤ بالمستقبل باعتباره واجبا أساسيا من واجبات الإدارة الرياضية .
الانفتاح ويعني هذا أن تتميز الإدارة الرياضية في الهيئة بالانفتاح على البيئة التي تعمل من خلالها . تتأثر بها وتؤثر فبها .

2-6 مكونات الإدارة الرياضية :
لقد حلل الإداري الأمريكي ) konz ( الإدارة الرياضية فوجد أنها تتضمن أربع مكونات أساسية هي :

ü العامل البشرى.
ü العمل الجماعي.
ü المنظمة و التي تعمل الإدارة لأجلها.
ü القائد الإداري .

2-7- المبادئ الأساسية للإدارة الرياضية :
تطبق هذه المبادئ في إدارة جميع المؤسسات بما في ذلك الرياضة دون النظر لحجمها و طبيعتها على أساس أن جميع الأعمال تتشابه في أهدافها و عملياتها الرئيسية ، إلا أن المشكلة هي في اختيار المبادئ التي تتفق وخدمة الأهداف الخاصة بتلك الجهة و تتلخص هذه المبادئ التي تساعد في خلق الإدارة الناجحة يلي :

1ـ7ـ1 مبدأ التوازن:
يجب أن تكون المؤسسة الرياضية متوازية لضمان النمو المناسب لها و تحقيق الكفاية في إدارتها . كذلك نجد أن من مهام الرئيس الإداري التأكد من أن التوازن يسود المؤسسة كلها كما يقع على عائق الرئيس الإداري أن يحفظ توازن مؤسسته .

2ـ7ـ2 مبدأ التوسيط:
يجب استبعاد جميع العناصر غير الضرورية للإدارة الناجحة و تحقيق العناصر الموجودة إلى ابسط شكل لها .

2ـ7ـ3 مبدأ التخصص :
يؤدي التخصص في الجهود إلى تكوين الخبراء في ميدان النشاط المعين بسبب أن تركيز الجهود يزيد من الخبرة العملية ، و يطبق مبدأ التخصص تطبيقا عاما و شاملا في نواحي النشاط المختلفة .

2ـ7ـ4 مبدأ التنميط:
يجب أن نحدد أحسن طريقة و نعبر عنها بوحدات محدودة و أنماط ثم تستخدم كنموذج في العمليات و التخطيط و في الرقابة .

2ـ7ـ5 مبدأ الحوافز المادية :
يجب أن تناسب المكافأة مباشرة و قيمة العمل المنجز ، و يشترط أن توضع مستويات عادلة للأعمال المنجزة و أن يكفا الشخص على أساس من أنجزه من أعمال بالنسبة إلى المستويات الموضوعة

2ـ 7ـ6 مبدأ العلاقات الإنسانية:
تتطلب المعالجة السليمة للعلاقات الإنسانية و ضع سياسات عمل رشيدة بشرط أن يتمسك بها الإداريون و المراقبون لان الكلام الشفوي لا قيمة له في حل المشكلات

2ـ7ـ7 مبدأ التخطيط:
يجب أن يكون هناك تخطيط سابق للتنفيذ لكي نصل إلى عمل شيء له أهميته بطريقة فعالة.

2ـ7ـ8 مبدأ الرقابة:
يصبح التخطيط قليل القيمة إلا حيث توجد الرقابة تتضمن تنفيذ الخطط .

2ـ7ـ9 مبدأ القيادة :
إن القيادة الحكيمة هي أهم عامل فردي في نجاح العمليات كافة و ينطبق مدلول هذا المبدأ على المؤسسة كوحدة قدر انطباقه على الإدارة الواحدة أو جماعة من الأشخاص .

2ـ7ـ10 مبدأ السلطة و المسؤولية :
إن الشخص الذي يمارس السلطة يجب أن يكون مسؤولا عن تنفيذ كل الأعمال داخل نطاق سلطته و بالعكس فان الشخص لا يعتبر مسؤولا عن تنفيذ عمل مادام ليست له سلطة عليه .

2ـ7ـ11 مبدأ اتخاذ القرارات:
يجب اتخاذ القرارات عند أدنى مستوى تنظيمي ممكن لتسهيل القيام بالأعمال ، و يجب أن تتخذ القرارات بواسطة الإداريين و المراقبين المختصين بالنشاط المعين أو المشرفين على الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ عمل ما .

2ـ7ـ 12 مبدأ استخدام القدرة الإدارية:
تستخدم القدرة الإدارية كاملة للتخفيف عن كاهل الإداري بتحويل جميع المسائل التي يمكن أن تنفذ روتينيا .

2ـ8 المهارات الأساسية في الإدارة الرياضية:
لقد شاد الأمريكي «kinz» بان الإدارة الناجحة تعتمد على ما يلي :

2ـ8ـ1 المهارات الفنية :
و قد وصفها «kinz» بأنها التفهم الكامل و الكفاءة في نوع خاص من الفعاليات و هي تتضمن معلومات خاصة و قابلية كبيرة للتعليل في ذلك الاختصاص و القدرة على كيفية استخدام التفنن في المجال الرياضي.

2ـ8ـ2 المهارات الإنسانية:
القابلية الدقيقة للعمل بشكل فعال كمجموعة واحدة من العاملين لغرض تعاون و تجانس تام في ذلك الفريق الذي يعمل معه أيضا و تتضمن معرفة الآخرين و القدرة على العمل معهم بشكل فعال و بعلاقة جيدة .

2ـ8ـ3 مهارات الاستيعاب الفكري :
القدرة على ربط الأجزاء الدقيقة و هذا يعنى النظرة الشاملة و الكلية للمنظمة التي يعملون فيها و كيفية اعتماد أقسام تلك المنظمة على بعضها .

2ـ9 مجالات الإدارة في التربية الرياضية :
تتعامل إدارة التربية الرياضية مع ثلاث مجالات رئيسية و هي :

ü البرامج
ü الإمكانات
ü العاملين (القادة )
وهذه المجالات الثلاثة للتربية الرياضية تعتبر مجالات متداخلة و غير مستقلة كل منها عن الأخرى فالبرنامج يظل كلمات على الورق دون وجود الإمكانات المتاحة ثم يأخذ طريقة ضئيلة أو كافية لا فائدة منها إن لم يحسن استخدامها ، و كذلك تقع على بعض العاملين المسؤولية النهائية في حسن استخدام الإمكانات و تنفيذ البرامج .

2ـ10 الدور الإجرائي للإدارة الرياضية:
يتمثل الدور الإجرائي من الإدارة الرياضية في خمسة عناصر تعكس كافة عملياتها أو وظائفها أو عناصرها ، و هذه الأدوار تتم في كافة المستويات الإدارية للمؤسسة و هي كما يلي :
٭ وضع خطة متكاملة تشمل كل الاستراتجيات ، و السياسات ، و الإجراءات ، و الأساليب ، و الوسائل و البرامج المطلوب تنفيذها في الهيئة الرياضية و كافة القوى البشرية و الإمكانات المادية و العينية في فترة زمنية مستقبلية.
٭ وضع هيكلية لتنظيم العناصر و القوى البشرية و المادية التي تتكون منها الهيئة الرياضية، و تنسيق الأداء و الترابط بينها ، حتى يتحقق التلاحم و التماسك و التكامل بين الأجزاء بصورة يكون لها معنى و فعالية من أجل تحقيق هدف أو عناية الهيئة الرياضية .
٭ السعي لحث الأفراد العاملين في الهيئة الرياضية على تعديل سلوكهم بما يسهم في تطابق هذا السلوك مع الهدف العام المرجو تحقيقه .
٭ إيجاد نظام رقابي في الهيئة الرياضية يتطابق مع العمليات و الإجراءات على أن تتم مقارنة نتائج الأعمال مع مستويات و معدلات الأداء المطلوب تحقيقها ، بما يضمن حسن سير العمل في الهيئة ، مع العمل على تصحيح الانحرافات ، بل و العمل على منع حدوثها قبل أن تحدث .
٭ التنسيق بين كافة المستويات الإدارية في الهيئة الرياضية على المستوى الراسي أو الأفقي، من اجل الوصول إلى الهدف المحدد بأفضل الوسائل و الفعاليات و بأقل التكاليف الممكنة.[26]

3ـ الإداري الرياضي :
إن الإداري هو ذلك الشخص الذي يملك القدرة الكافية من المعرفة في مدركات ومبادئ الإدارة قبل ممارستها وذلك لأن ممارسة الإدارة في التنظيم الرياضي المنظم تتطلب معرفة عالية تساعد على تكامل خبرات الفرد و اتجاهاته الثقافية .
إن الرياضي هو الفرد الذي يشغل مركزا من المراكز الرياضية ذات المسؤولية وهو بهذا الوضع يتولى اختصاصات محددة تلقي عليه بمسؤوليات تتطلب إنجازات مهمة في نطاق اختصاصه.
من المعروف أن الإداري الرياضي يتولى تحليل الأعمال والمهام التي يشرف عليها وهذا يوجب أن يكون من طراز الأفراد الذين يتمكنون من تفتيت المشكلة إلى أجزاءها لصنع الحلول المناسبة لها.
والإداري هو الفرد الذي يشعر بما يجب عمله في أي مستوى تنظيمي وأن يقوم بتنفيذ الجزء المسؤول عنه في البرنامج بنشاط وكفاءة كبيرين.
أن معرفة العاملين بالتربية الرياضية و إلمامهم بالنواحي الإدارية تساعدهم وبلا شك على أداء عملهم بطريقة أكثر كفاءة وفعالية.

3-1 صفات الإداري الرياضي:
٭ أن يكون من ذوي الاختصاص في مجال العمل الإداري
٭ له رغبة و ميل للعمل
٭ له القدرة على المشاركة الايجابية مع مرؤوسيه و مع من معهم في الإدارة
٭ ذا قدرة على نقل المعرفة و المهارات للاعبين
٭ أن يتمتع بالعملية الشمولية .

3ـ2 واجبات الإداري الرياضي :
أن الإداري الرياضي يجب أن تكون لديه العلاقة الجيدة مع العاملين معه بشكل معقول معتمدا على أساس المبدأ الديموقراطى في الإدارة أما واجباته فهي :

· يعين واجبات العاملين
· يقوم بإعداد المنهاج
· يشرف على الواجبات
· يقيم العمل اليومي
· ضمان صلاحية التجهيزات و الأدوات
· تعبئة الجهود العاملة ثم توجيهها و التنسيق و الإشراف على حسن سيرها.

3ـ3 إدارة الهيئات الرياضية و تحديات القرن الحادي و العشرين :
لاشك كثيرا من الهيئات الرياضية في حاجة إلى إحداث تغيرات لتواكب ثورة الإدارة الرياضية الحادثة على مستوى العالم في القرن الحادي و العشرين ، ومن ثم يجب عليها أن تمضى قدما في سبيل تبنى فلسفة و توجهات إدارية جديدة تتماشى و متطلبات الإنتاج الرياضي في كافة مجالاتها و على كافة مستوياتها .
الإدارة الرياضية بشكل عام في حاجة لإعادة صياغة الفكر الإداري في المجال الرياضي و تحويله من فكر إداري تقليدي إلى فكر إداري حديث يتماشى و متطلبات المنتج الرياضي في القرن الحادي و العشرين .
وفيما يلي نضع بعض المقومات المقترحة لمواجهة التحديات السابق الإشارة إليها وهي كما يلي :

- تبني أسلوب الجودة الشاملة .
- البدء من المخرجات و ليس كما تعودنا في الإدارة الرياضية التقليدية حيث يبدأ الأمر عادة بالمدخلات
- يجب أن يكون الابتكار هو المدخل الرئيسي للعمل في مجال الإدارة بالهيئات الرياضية
- ضرورة أن يكون المحك الأساسي في التقويم هو كفاءة و كم الإنتاج الإداري و الفني
- من الأهمية أن تبنى الإدارة بالهيئات الرياضية شعار البحث عن التميز

3ـ4 تغيير الفكر الإداري في الهيئة الرياضية :
إذا ما أردنا أن نغير الفكر الإداري بالهيئة الرياضية إلى الأفضل ، فان التغيير يجب أن بتم في أربعة اتجاهات رئيسية كما يلي :

‌أ- التغيير الإنساني:
وهو ما يعني تغيير أفكار و اتجاهات و مفاهيم الأفراد العاملين بالهيئة الرياضية و كذلك العمل على تغيير عاداتهم و قيمهم و دوافعهم و طموحاتهم في العمل
‌ب- التغيير في طبيعة أداء الوظائف :
وهو ما يعنى تغيير الواجبات الوظيفية ، سواء على مستوى الكم ، أو على مستوى الكيف
‌ج- التغيير التنظيمي:
وهو ما يعنى التغيير في البناء الهيكلي للهيئة الرياضية بكل ما تحتويه من إدارات و أقسام ووحدات، كما يتعلق أيضا بالتغيير في العلاقات الوظيفية
‌د- التغيير التكنولوجي:
و يشمل استخدام كل ما هو جديد في مجال تكنولوجيا المعلومات و التكنولوجيا التطبيقية في المجال الرياضي بشكل عام .

3ـ5 مقومات التغيير الناجح في إدارة الهيئات الرياضية:
كي يكون التغيير ناجحا في إدارة الهيئات الرياضية فلابد من توافر عددا من المقومات نذكر منها ما يلي :

1ـ تشجيع الأفكار الجديدة المفيدة النابعة من الأفراد العاملين في الهيئة الرياضية و على كافة المستويات ، توصيلها إلى الرؤساء و إيجاد نظام للحفز على البحث عن مثل تلك الأفكار ، و إذا ما كانت قابلة للتطبيق و مثمرة
2ـ دعم تكامل المعارف و المعلومات و المهارات الإدارية في إدارة الهيئة الرياضية ، حيث يجب أن تشجع جهود الحصول على المعرفة من مراجع و أبحاث و دراسات الإدارة الرياضية ، إما المهارات فهي تكتسب من خلال التطبيق الفعلي و الممارسة اليومية و المعاشة المستمرة للمشكلات النفسية و الإنسانية داخل الهيئة ذاتها ، أو خارجها .
3ـ ترسيخ المرونة ، و المقدرة على التكيف ، حتى يمكن تقبل التغيير و التكيف معه
4ـ الاستناد إلى المعلومات حول التغيير المنشود من حيث أهدافه و أنواعه ، ومدى تأثيره و نتائجه المتوقعة ، وهذا يرجع أساسا إلى نظم المعلومات المتوفرة .

خلاصة الفصل :
الإدارة هي عماد تقدم كافة الأنشطة الإنسانية اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو إنسانية ، و بدونها كان يصعب الوصول إلى التقدم الذي عليه عالمنا ألان .
و الرياضة واحدة من الأنشطة الإنسانية التي أخذت تتوسع ، و تتفرع ، نتيجة الاهتمام المتزايد بها . وخلال هذا التوسع و ذلك التفرع كان من الضروري التشبث بالإطار العلمي في تنظيمها

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

تخطيط الجودة لمنتج جديد في شركة فورد للسيارات

 

 
في مطلع الثمانينات بدأت شركة (فورد) الأمريكية لصناعة السيارات تخطط لإنتاج سيارة جديدة أطلق عليها اسم (تاورس)، ليبدأ إنتاجها في نهاية الثمانينات. وقد اتبعت الشركة الخطوات التالية لإنتاج السيارة الجديدة:
١- تحديد أهداف الجودة:
حدد الهدف الإستراتيجي للجودة في إنتاج سيارة عالية الجودة تتفوق على المنافسة المحلية و الأجنبية، حيث أن هذه المنافسة أدت في السنوات الأخيرة إلى فقدان (فورد) لنسبة كبيرة من مبيعاتها.
٢- تنظيم فريق تخطيط الجودة
اتبعت (فورد) أسلوب التخطيط الجماعي أو التخطيط المتوازي عندما نظمت فريق التخطيط. إذ شكل فريق خاص يعمل سوياً وفي نفس الوقت وليس بشكل متتابع. وقد ضم الفريق كافة التخصصات وعلى رأسها الإنتاج والتسويق والمبيعات والمشتريات والتصميم.
٣- تحديد العميل:
وضعت الشركة فياعتبارها كافة المستهلكين الذين سيشترون السيارة وقررت أن تلبي احتياجاتهم. بالإضافة لذلك لم تنس الشركة احتياجات شركة لتأمين التي تتحمل تكاليف إصلاح السيارة في حالة الحوادث، وهي تكاليف تتوقف على حجم الضرر الذي ينتج عن الحوادث والذي يتوقف بدوره على تصميم السيارة وكفاءة نظام المكابح وواقي الصدمات فيها.
٤- تحديد احتياجات العملاء ومواصفات المنتج

حصرت (فورد) مئات المتطلبات التي يطلب المستهلك توفيرها في السيارة، مع التركيز على المواصفات الهامة جداً مثل المكابح وسهولة حركة عجلة القيادة وانخفاض درجة ضوضاء الرياح. وتم تحديد ٤٠٠ صفة رئيسية وحصرت كل السيارات التي تتميز بواحدة أو أكثر من هذه الصفات.
خصص لكل صفة مشروع خاص بالتطوير بحيث تتفوق (تاورس) في مجمل الصفات. وقد نجح الفريق في الحصول على حقوق براءات اختراع مستخدمة في بعض السيارات توفيراً للبحث والتطوير. وقد حدد لكل مشروع أو لكل مواصفة أهداف وميزانية خاصة وجدول زمني وفريق مسئول عن التنفيذ.
لقد تم تحديد الصفات التي يريدها المستهلك بطريقة وصفية ثم قام الفنيون بترجمة تلك الصفات إلى أرقام. فمثلاً يريد المستهلك أن تكون مسافة المكابح طويلة، وعلى الفنيين أن يحددوا طول المسافة بدقة وأن يقوموا بتنفيذ ذلك.
٥- تحديد مواصفات العمليات:
تعاون فريق (تاورس) مع كثير من الشركات التي تمثل موردي الأجزاء المختلفة التي تدخل في تركيب السيارة، بهدف تحديد أفضل المواصفات للعمليات الإنتاجية. وقد ساعد على ذلك توفر الوقت الكافي للتجارب وإجراء الاختبارات على العينات وإجراء التعديلات اللازمة.
النتائج:
نجح مشروع (تاورس) وحققت السيارة مبيعات فاقت كل التوقعات، ويرجع الفضل في ذلك لفريق تخطيط الجودة. والأهم من ذلك أن مشروع (تاورس) وما صاحبه من عمليات تخطيط للجودة أصبح نموذجاً يحتذى للمشروعات الأخرى، حيث ثبت أن التخطيط الجماعي للجودة قابل للتنفيذ وأنه
يحقق أفضل النتائج. فقد تمثلت نتائج تطبيق الأسلوب الجماعي لتخطيط الجودة فيما يلي :
١- الحصول على تصاميم مناسبة دون الحاجة إلى تعديلات كثيرة.
٢- تخفيض الوقت اللازم للوصول إلى الطاقة القصوى للإنتاج.
٣- تخفيض مشكلات التركيب والصيانة والخدمة.
٤- تخفيض تكاليف الإنتاج .
٥- تحسين مناخ وظروف وبيئة العمل.

تجربة الإدارة على المكشوف في سلسلة متاجر دكستر الأمريكية


كانت (دكستر) سلسلة مزدهرة من المتاجر الأمريكية الكبرى، وكان أغلب عملائها من جمهور الطبقة العاملة، حيث اعتمدت على البيع بأسعار منخفضة، مع توفير مختلف السلع تحت سقف واحد. لكن الإدارة حولت النجاح السابق إلى سلسلة من الكوارث، فأغدقت من أموال المنظمة على
المكاتب الفاخرة والسيارات الفارهة، ثم استثمرت معظم الأرباح في أنشطة خارج نطاق خبرتها كالأثاث والمفروشات، ففشلت هذه الاستثمارات وأهدرت أرصدة حيوية.
اتجهت الشركة إلى ولايات أخرى وأنشأت فروعا في مناطق غنية، مبتعدة بذلك عن قاعدتها الأساسية من الطبقة العاملة. واجهت الشركة في المناطق الجديدة منافسة المتاجر الراقية غير المرتبطة في أذهان العملاء بالطبقة العاملة، بينما أعطى تحول انتباه وموارد المنظمة إلى
مناطق الدخل المرتفع، فرصة لتوسع متاجر أخرى منافسة على حساب حصة دكستر من أسواق الطبقة المتوسطة والفقيرة.
كانت دكستر على حافة الهاوية عندما فصل مجلس الإدارة مدير الشركة، وعين تشرلس بيرو خلفا له في محاولة للإنقاذ.
وجد بيرو العاملين في حالة انهيار معنوي، ووجد المركز الرئيسي في عزلة وانقسام. لم يعتمد بيرو على الإصلاح البطيء، ولم يلتفت حتى لماكان ناجحا في الماضي قبل بدء مرحلة التوسع الفاشلة. وبنهاية السنة الأولى لإدارته كان كل أعضاء اللجنة الإدارية الخماسية – إلا واحدا – قد استبدلوا بأعضاء لم يسبق لهم العمل في دكستر.
شددت اللجنة الجديدة على نقطتين:
الأولى هي بناء استراتيجية تنافسية ناجحة، وتمت صياغتها في عبارة بسيطة نصها: “نحن نلتزم بتوفير الاحتياجات اليومية لأسر الطبقة العاملة”.

أما النقطة الثانية فهي إعادة تشكيل ثقافة المنظمة التي تدعم هذه الاستراتيجية، فقد استحدثت اللجنة عددا من القواعد التي صيرت جميع العاملين أندادا، بمعنى ألا تتيح الدرجة الوظيفية الأعلى ميزة خاصة دون مسئولية مقابلة، وجعلت من كل زميل في كل موقع بالمنظمة مسئولا عن
المبيعات. وهذا هو جوهر التولي والتخلي. ازدادت مساحة الاختيار المتاحة لمديري المتاجر، ولم تعد سياسة التسعير تفرض عليهم دون نقاش، وتحول المديرين الإقليميون إلى قادة مهمتهم دفع مديري المتاجر للتفكير كرجال أعمال أو كأصحاب عمل، وهذا هو جوهر الإدارة على المكشوف.
ازداد نطاق المسئولية والاختيار أمام بقية العاملين أيضا. في الماضي كان المدير يقضي ٣٠ % من وقته في متابعة المواسم والأعياد والإجازات والأحوال الجوية وغيرها من الظروف ليحدد طلبات المتجر واحتياجاته القادمة، أما الكن فقد توزعت مسئولية الاختيار بالكامل على الأقسام المختلفة بحيث يجتمع العاملون في كل قسم ويتخذون قرارات الطلب بأنفسهم، دون الرجوع لمدير الفرع.
اتجهت جهود بيرو مع لجنته الإدارية بعد ذلك صوب المركز الرئيسي، الذي كان المديرون يصفونه بالغرور والتجاهل واللامبالاة، بينما يرونه الكن سريع الاستجابة. لقد حظي المركز الرئيسي باهتمام بيرو ومتابعته الشخصية، حيث أوضح لمختلف إداراته أن أي طلب أو استفسار يرد من أحد الفروع يجب أن يلبى خلال ٢٤ ساعة، ونبه على مديري الفروع أن يتصلوا به إذا مضت تلك الفترة دون استجابة. وكان أي تأخير عن ٢٤ ساعة يدفع بيرو إلى اتخاذ قرارات حازمة لم يكن باستطاعة العاملين في المركز الرئيسي تجاهلها.
رغم ذلك ظلت إدارات المركز الرئيسي هرما إداريا متعدد المستويات والوظائف، فكانت كالقلاع المتباعدة التي لا يجمعها رابط. فكون بيرو فريقا للتجديد من مديري المركز الرئيسي قوامه ٢٠ فردا، وكانت مهمته تخطيط وتنفيذ ما أسماه بيرو بالقفزة الكبرى لمتاجر دكستر. اختار فريق التجديد أضعف متجرين، وفصل أربعين في المائة من المديرين فيهما، وأعيد تصميم المتجرين وتم تزويدهما بمنتجات جديدة. لم تكن جهود التغيير على أعلى درجة من الكمال، ولكنها زادت المبيعات بنسبة ٦٠ %، وكان هذا كافيا لإقناع فريق التغيير بإجراء تغييرات مماثلة في ٣٥ متجرا أخرى. اتسم فريق التجديد بالمرونة والتعاون مع مديري المتاجر، وكان العميل هو الفيصل في أي خلاف يطرأ بين الفريق والمديرين، إذ كانوا يدعون عددا من العملاء للأخذ بآرائهم في التجديدات المقترحة.
كونت (دكستر) أيضا اثني عشر فريقا متخصصا لمراقبة التغيير في العمليات، ولكن هذه الفرق لم تلغ الهيكل التنظيمي والتدرج الهرمي للسلطة على نحو فوري ، بل أخذت موقعها على قمة البناء التقليدي كي تمنح العاملين من مختلف التخصصات فرصة العمل الأفقي عبر الوظائف، بدلا من العمل الرأسي في الإدارات الوظيفية التقليدية.
جرب (تشارلس بيرو) في السنة الثالثة استراتيجية جديدة، حيث أنشأ عددا من متاجر التوفير المصممة للقضاء على الهرم الإداري، فقد كان لكل متجر من متاجر دكستر التقليدية ٣٠ مديرا، ثم تراجع هذا العدد في متاجر التجديد إلى ٢٠ مديرا، أما متاجر التوفير فكان يديرها ٤ مدراء فقط، رغم تساويها في الحجم وعدد العاملين مع باقي المتاجر. وفي هذا يقول بيرو: “إن في الكف عن التغيير إغراء كبيرا، ولكنه خطأ كبير أيضا”.
كيف تم لدكستر مثل هذا النجاح ؟
تتم خطوات التحول الناجح إلى الأفقية بهذا الترتيب.
1- الخطوة الأولى: يحوّل قادة المنظمة ما يحيط بها من ضغوط تنافسية إلى رؤية تدفع بالمنظمة في اتجاه محدد. متى ارتبط التغيير بالمهام الاستراتيجية الأساسية للمنظمة ولم يحد عنها، فإنه يمد جذوره في تربة المنظمة. لذا لا يمكن للقادة دفع العاملين لتبني التغيير دوما رؤية واضحة
لعمق التغيير المطلوب واتساعه وأهم عناصره. فليست الاستجابة للعملاء استثناء من هذه القاعدة. وليست الأفقية نوعا من التطوير الجزئي الهاديء، فهي تنطوي على تدمير خلاق ومستمر للتوجهات القديمة بكاملها، وهي التوجهات التي اعتادها العاملون، والتي نالوا على أساسها
أوضاعهم الوظيفية، المادية والمعنوية الحالية، وهو ما يقطع باستحالة قبول هؤلاء لفكرة تفكك المنظمة وإعادة بنائها ما لم يقتنعوا بأن متطلبات وضغوط البيئة التنافسية هي الدافع لهذا التغيير. لقد وهب (بيرو) شركته رؤية غنية بتفاصيلها الإجرائية وبقدرتها على حث العاملين وتحفيزهم.
٢- الخطوة الثانية: تتبنى الإدارة العليا وتلتزم بهدف استراتيجي يجعل سرعة الاستجابة للعملاء محورا للعمل. لهذه الخطوة أسس ثلاثة هي:
أ- ربط الأفقية باستراتيجية المنظمة: وذلك بتحديد الوضع الحالي للمنظمة في سوق منتجاتها، الوضع الاستراتيجي المنشود، والكيفية التي ستسهم بها الأفقية في تحقيق هذا الهدف.
ب- الالتزام الجماعي للقيادة: حيث لا يمكن للقيادة أن تصل بالمنظمة إلى الأفقية الكاملة في غياب قدر من التفاهم والتعاون. ومتى عجزت القيادة عن توليد مثل هذا الالتزام في صفوفها فسوف تعاود المنظمة الانقسام على هيئة وحدات منفصلة، وربما متنافسة. فالمطلوب هو هدم الانتماء للوحدات أو الإدارات المنفردة، وإحلال الانتماء للمنظمة بكاملها محله.
ج- العمل الجماعي: على أعضاء اللجنة الإدارية العليا أو ما يماثلها كقيادة عليا بالمنظمة أن يعملوا كفريق واحد لا كشرذمة من الفرقاء. مما يعني إعادة النظر في الأدوار والمسئوليات الحالية، وتعديلها باتجاه يسمح بانسجام الأداء، أو تغيير أعضاء اللجنة أو بعضهم كما فعل (بيرو). هذه الخطوة هي أهم خطوات التحول وأكثرها حساسية، إذ يوقد الالتزام الشخصي للقائد شرارة أولى لانتشار الأفقية، ولكن غياب الالتزام المشترك للإدارة العليا حول دون امتدادها لتسود المنظمة.
فقد أعلن (فنفولد) ورجاله تبنيهم للأفقية وخدمة العملاء، ولكن هذا الإعلان كان يختلف عن النوايا الحقيقية لأغلبهم، بينما احتاط (بيرو) للصدام الحتمي بين مفاهيم الحرس القديم والمفاهيم الجديدة بتغيير الأفراد الذين تسببوا في الخسائر.
٣- الخطوة الثالثة: تحول المنظمة وحداتها تدريجيا إلى مراكز ابتكارية تلبي حاجات العميل. يتطلب التحول الناجح تغييرا شاملا. ومتى حاولت المنظمة أن تغير كل شئ في نفس الوقت فلن يكون التحول ناجحا. وإذا توزعت جهود التغيير بين المكان ومديره، وبين البشر ونظم
الرقابة، أو بين جودة المنتج واستراتيجيات التسعير، وغيرها من عناصر البناء التنظيمي فستتفرق الجهود وتذهب سدى. ويزداد الأمر صعوبة متى كان لكل وحدة من وحدات المنظمة مسئوليتها المنفردة حيال جانب مستقل من نشاط المنظمة. الصواب هو التركيز على عدد من الوحدات والعناصر، ثم التحول إلى غيرها، مثلما فعلت دكستر في متاجر التجديد.
٤- الخطوة الرابعة: تكون المنظمة فرقا متخصصة لمراقبة التغيير في العمليات وفريقا لمراقبة التحول في نطاق المنظمة بالكامل. وهذه هي الخطوة التي تنشر التغيير في جميع أنحاء المنظمة، والنقطة الفاصلة في التحول. فقد يتعرض التغيير لانتكاسات حادة ما لم تتم الخطوات السابقة بالترتيب
الصحيح والكفاءة المطلوبة. فحين كونت دكستر إثني عشر فريقا لتغيير العمليات، أمكن لهذه الفرق – بناء على نجاح الخطوات الثلاث السابقة – أن ترسي دعائم التحول الكامل والتغيير الجذري لكل عمليات المنظمة. وتحولت اللجنة الإدارية إلى فريق متابعة التحول الذي قدم التوجيه اللازم وكل التسهيلات الممكنة للإسراع بالتغيير. فقد كان لفريق مراقبة التحول مهام أربع هي:
− نشر الوعي بأهمية التغيير.
− ملاحظة التفاعلات الناتجة عن التغيير، سواء بين الوحدات أو الأفراد.
− مراجعة جهود التغيير وتصحيح مسارها.
− التنبؤ بالمقاومة ومواجهتها.
٥- الخطوة الخامسة: تمكين الفريق إداريا ومهاريا. وهو ما يعتمد بصفة رئيسية على وضوح الرؤية لدى الإدارة العليا، واستعدادها لتوسع نطاق المعلومات المتاحة ودائرة الاختيار أمام الفرق، مع التأكد من قدرة هذه الفرق فنيا على الاختيار الصحيح، وعلى أن تتسم الاختصاصات الجديدة الموسعة بالوضوح الشديد، بحيث لا تحتاج الفرق إلى توجيهات الإدارة العليا أو تدخلاتها إلا فيما ندر. متى تجاهلت المنظمة الخطوة الثانية صار من المؤكد أن تتعثر في الخطوة الخامسة، فسوف تواجه الفرق في غياب الالتزام المشترك للإدارة العليا بالتغيير ومقتضياته، عقبات كثيرة تودي بفاعليتها.
٦- الخطوة السادسة: إعادة تخطيط النظم الإدارية للمنظمة على نحو يضمن الاستجابة القصوى لرغبات العملاء. حين تتيح المنظمة لمديريها وعامليها مستوى أعلى من حرية التصرف واتخاذ القرار، يجب أن يتبع ذلك توفير المادة الخام لصنع القرار: وهي المعلومات، مما يستدعي تطوير نظم جمع وتحليل وتوزيع المعلومات من حيث السرعة والدقة والسهولة. كما يجب إحلال نظم جديدة للقياس تسمح بالتعرف على كفاءة المعلومات، إذ تدور نظم القياس التقليدي حول كفاءة الأداء الفردي. ويقتضي ذلك ألا تركز المقاييس الجديدة للأداء على المبيعات بقدر تركيزها على كفاءة المنظمة في تلبية رغبات عملائها عامليها. فهناك ما لا يمكن للمنظمة الأفقية أن تتجاهله من المتغيرات، ومنها معدلات الغياب ودوران العاملين ومستوى الخدمة المقدمة للعميل والتطور في أداء العاملين. فالقياس الحقيقي لكفاءة المنظمة الأفقية هو قدرتها على إمداد العملاء بأقصى قدر من القيمة المضافة.

الطريقة الألمانية في إدارة الأعمال



على السطح، تبدو أمريكا وألمانيا واليابان أمما متشابهة، والأمم ليست هي التي تصنع الازدهار، بل الشعوب ورجال الأعمال..ومن هنا فإن التشابه مظهري بحت، والنمط الأمريكي في الرأسمالية هو مجرد واحد من الأنماط، وبرغم أن المراقبين في أمريكا وأوروبا قد بهرهم ضوء الشمس المشرقة في اليابان، وخطف أبصارهم، فإن تراث اليابان وتقاليدها يجعلانها غير قادرة على التكيف مع الممارسات الغربية في دنيا الأعمال.
أما النمط الألماني فمتميز جدا هناك “إجماع شامل يأتي من خلال مشاركة العمال، والتفاوض الجماعي والضمان الاجتماعي” فيما يقول أحد الخبراء، وهكذا فإنه يمكننا القول بأن هناك ثلاثة أنماط للرأسمالية: الياباني، والأمريكي، ثم الألماني الأوروبي. هذا الأخير يتضح فيه بصفة خاصة الحس بالاهتمام بالعاملين من جانب المجتمع ككل، والقيمة العالية والمكانة الرفيعة لفرص العمل وتوفير الوظائف، هذا هو الجانب الإنساني الذي كثيرا ما تغفله الرأسمالية الأمريكية.
العاشر من مايو ١٩٤٥ – اليوم التالي للتوقيع النهائي على اتفاقية الهدنة مع الحلفاء..يسميه الألمان: ساعة الصفر، بداية كل شيء من جديد، البناء فوق الأنقاض. بكل تأكيد، كان الفضل في النجاح الذي تحقق يرجع إلى الإصلاحات التي أدخلها وزير الاقتصاد (لودفيج ايرهارد) الإصلاح النقدي، ثم تحرير الاقتصاد، ولكن الذي لا يقل أهمية عن هذين هو أن الألمان لم يفقدوا أبدا إحساسهم القوي بالمسئولية الاجتماعية.
لكي نستطيع أن نفهم ما يجري في دنيا الأعمال الألمانية اليوم، لا بد لنا من العودة إلى الحقبة التي اشها الألمان بعد الحرب مباشرة، وتأمل أنماط “رجال الساعة الأولى”، طليعة رجال الأعمال الذين صعدوا من خلال التراب والأنقاض، أمثال “فيرنر أوتو” الذي أنشأ سنة ١٩٤٩ مؤسسة “أوتو فيرساند” التي تقف اليوم على قمة البيوت العالمية التي تعمل بالكتالوج وتوصيل الطلبات بالبريد، وتفوق في ذلك نظيرتها الأمريكية “سيرز” “فيرنر أوتو”. اجتاز الثمانين وما زال حتى الكن في قمة النشاط.
يقول “أوتو” معلقا على أسلوب الكتالوج والتوزيع البريدي: في متجر الأحذية، الزوج الذي لا يعجب الزبون يعاد ببساطة إلى الرف، ولكن في حالة توصيل الطلبات بالبريد لابد من الحرص على ألا توجد إلا الأصناف التي سوف تباع، لأن إرجاعها معناه تحمل تكلفة الشحن مرة أخرى. إن النجاح – كما يراه – لا يتوقف على معالم المجتمع ولا البرامج الحكومية ولا الأساليب الإدارية وعلى على
التمويل المتطور..إنه يأتي من صنع وتسويق المنتجات التي يريد الناس شراءها والتي يوجد لديهم الحس بوجودها عندما تتوفر لديك.
معالم الإدارة الألمانية

كل شيء في دنيا الأعمال الألمانية – من أسلوب الألمان في ممارسة الإدارة داخل الشركة إلى البيئة التي تعيش هذه الشركات بداخلها – كل شيء يتسم ببنية صارمة محكمة تسبب الإحباط لمن لا ينتمون لهذه البيئة. لعلها نزعة متأصلة لدى الألمان، نزعة إلى النظام المحكم، ولعلها تاريخ
هذا البلد، بما يمتلئ به من اضطرابات وتقلبات توجد إحساسا بالذعر من المجازفة. يتمثل ذلك في المؤسسات التي تمثل النمط السائد: هوكست،
باير، حيث البنية التنظيمية لها خواص وظيفية وعلمية، وحيث ينتظر المرؤوسون من رؤسائهم الوضوح القاطع بشأن ما يريدونه. المرح والفكاهة أمور نادرة، والقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة هي أيضا كذلك، والألمان يجاهدون ليغيروا كل شيء ويتغلبوا على العقبات من أجل التوافق مع الخطة الموضوعة.
الألقاب والدرجات المهنية مقدسة، دكتور شميث سيظل دكتور شميث، على بطاقته وعلى مكتبه، وإذا جلست عشر سنوات على مكتب مواجه له فإنه يظل دكتور شميث. الوقت يدار كما لو كان سلعة ثمينة. القوانين صارمة هي أيضا، القانون التجاري والمدني، قوانين الشركات وقوانين العمل، فإذا لم يجد الألمان نصا قانونيا واضحا فإنهم يترددون ثم يقبعون في أماكنهم. وهكذا فإن ابتلاع الشركات أو الانقضاض عليها أمر غير معروف في ألمانيا. وقد بدأ الأمريكان يتعلمون هذا من أوروبا.
من أمثلة ذلك القوانين التنظيمية التجارية التي تحدد حقوق المشترين والبائعين والتي صدرت في بعض الولايات، ولكن الطريق ما يزال بعيدا أمامهم لكي يتساووا مع نظرائهم من الأوروبيين. وتتسم الرأسمالية الألمانية بدرجة من الانضباط هي أيضا يمكن إرجاعها إلى الخوف من الاضطراب، عندما
يضطرب السوق في أمريكا فإنه يترك لشأنه ليتحكم في كل شيء، شركات تصعد وأخرى تهبط ولكن السوق تظل باقية.
أما الألمان فيسحبون أنصبتهم من السوق ويعملون إلى حد ما على الإبقاء على الوضع القائم. للبنوك نفوذ وسيطرة لا مثيل لهما. أما أنصبة الشركات في الشركات الأخرى فهي في الحد الأدنى، أي مجرد ما يكفي للاحتفاظ بشيء من النفوذ وليس للإحساس بالخطر، والقانون لا يسمح لشركات بأن تسترد الأسهم التي تطرحها إلا في حدود ضيقة.
ويعتز الألمان كثيرا بالمعارض التجارية، معرض الخريف في فرانكفورت يحوي كل أنواع السلع الاستهلاكية، وعمره ٧٥٠ سنة وبذلك فهو أقدم معرض تجاري في العالم. وتتمتع الجمعيات الصناعية والتجارية بأهمية ونفوذ لا مثيل لهما في الولايات المتحدة أو غيرها من الدول، وهي تشارك النقابات في هذه السطوة، ومن أمثلتها مواعيد إغلاق المحال التجارية والتي لا يجرؤ أحد على مخالفتها.
والألمان كمستهلكين، يصرون على أعلى درجات الجودة، وكمنتجين، يعدون أنفسهم وينظمون صناعاتهم بحيث تفي بهذا المطلب. أدنى خدش في جسم البورش أو الفولكس فاجن معناه رحلة إلى ورشة الإصلاح. والنظام المحاسبي الألماني يمكن من سرعة الإهلاك الدفتري للمعدات وبالتالي
من التجديد الدائم وإحلال أحدث معدات الإنتاج محل ما يتوفر منها.
ثم هناك وجه آخر لهذه المسألة.. برغم ما تتميز به الصناعة والأعمال في ألمانيا من دقة التنظيم وصرامته، فإن شيئا غامضا يستعصي على الفهم، يحيط بالشركات والمؤسسات، فهي تبنى بحيث تشجع تكوين رأس المال بطريقة تمكنها من تكديس موارد طائلة من المال تختفي في طي الكتمان، هذا في أوقات الرخاء على الأقل .. وعندما تسوء الأحوال، فإن هذه الشركات تجد ما تركن إليه. وبمقتضى قوانين المحاسبة الألمانية، فإنه مكن للشركات أن تزيد كثيرا من المخصصات وأن تسرع بالإهلاك في ميزانياتها بحيث تبدو أرباحها أضأل ما يمكن.
ومن الأمثلة الشهيرة: “دويتش بانك”، الذي يقال أنه حالو أن يدرج قيمة ناطحة السحاب التي اتخذها مقرا عند افتتاحه بمارك ألماني واحد. وكان تبرير ذلك أن هذا المبنى أقيم ليكون مقرا للبنك وبذلك فلا قيمة له لأي جهة أخرى وبالتالي فهو لا يساوي شيئا! حتى لو لم تصح هذه القصة، ولو كانت مجرد “نادرة” فالحقيقة التي لا تنكر هي أن النظام المحاسبي الألماني معد بحيث يمكن إنقاص الدخول القابلة للتوزيع على حملة الأنصبة والتي تخضع للضريبة، إلى أدنى حد ممكن.
الألمان من أكثر الناس حرصا على خصوصية أعمالهم والاحتفاظ بسرية ما يريدون له أن يبقى سرا.
لقد قامت معجزة الصحو الاقتصادي في ألمانيا على ثلاث دعائم:
• مهارات رفيعة المستوى لدى العمال الصناعيين.
• أخلاق ومبادئ تتسم بالصلابة والحذر في المعاملات والأعمال.
• نظام مصرفي شديد القوة وإن يكن مثيرا للعجب والتساؤل.